محاكم تفتيش إسلامية

وائل قنديل
وائل قنديل

آخر تحديث: الأربعاء 22 فبراير 2012 - 8:55 ص بتوقيت القاهرة

إذا كان حريا بكائن من كان، بل واجبا عليه، أن يخاف على تياره السياسى من نسمة هواء، فإنه من غير اللائق أن ينزلق أحد إلى الطعن فى ضمائر وذمم من يختلفون معه، وينصب نفسه مديرا عاما للوطنية المصرية، فيقول عن هذا إنه بصاص، وذاك عميل لأمن الدولة، لمجرد أنهم طلبوا أو اقترحوا أن تمارس الأغلبية البرلمانية شرعيتها القادمة عبر انتخابات، وتشكل حكومة تنقذ الوطن من نزيف الدم المتواصل على مدى الشهور الماضية.


«يثير انتباهنا لأول وهلة، أن بين من يلحون فى هذه الدعوة نفر من الكارهين والشامتين والبصاصين الذين كانوا أبواق جهاز أمن الدولة فى ظل النظام السابق. وهى ملاحظة أسجلها بسرعة ولا أدعو إلى الوقوف عندها طويلا»، هكذا ببساطة وخفة متناهية يرى الكاتب الكبير الأستاذ فهمى هويدى فى مقاله المنشور فى «الشروق» أمس أصحاب دعوة تسليم السلطة إلى حكومة إنقاذ وطنى يشكلها حزب الحرية والعدالة صاحب الأغلبية البرلمانية.

 

ولما كنت أحد الذين توجهوا إلى البرلمان بهذه الدعوة والمبادرة، فقد فتشت تحت جلدى عن علامة واحدة من علامات «البصاصين وأبواق جهاز أمن الدولة» فلم أجد، اللهم إلا إذا كان لدى مطلق هذا الاتهام كشوف وقوائم بأسماء البصاصين وعملاء أمن الدولة، لا يأتيها الباطل أبدا وغير قابلة للتشكيك.

 

ورحت أفكر طويلا فى سيرة من شرفت بمشاركتهم فى صياغة هذه الدعوة وتسليمها لرئيس البرلمان، علنى أجد بينهم بصاصا أو بوقا سابقا لأمن الدولة، فلم أجد إلا الكاتب الكبير علاء الأسوانى، والناشط السياسى الشاب علاء عبدالفتاح، ومحامية الثوار راجية عمران، والدكتورة كريمة الحفناوى التى نالها ما نالها من محاولات اغتيال معنوى على يد أمن الدولة، والدكتور أحمد دراج عضو الأمانة العامة للجمعية الوطنية للتغيير، وخالد عبدالحميد أحد شباب الثورة المحترمين، وزميله سلام لطفى من شباب الإخوان الثائر، ومحمد طلبة من السلفيين المحترمين، واثنين من أسر شهداء الثورة، وعدد آخر من شباب الثورة الذين دفعوا أثمانا باهظة من حريتهم وسمعتهم على يد أجهزة القمع.

 

وهؤلاء بعض ممن يلحون فى دعوة تسليم السلطة لحكومة كاملة الصلاحيات تشكلها الأغلبية الأخوانية فى البرلمان، وهم كما هو واضح ليس من بينهم من كان بصاصا أو عميلا أو كارها، ولم يثبت أنهم كانوا يتفسحون فى الدوحة مثلا فى الأيام الثلاثة الأولى للثورة المجيدة، بل كانوا فى الميدان تحت القصف، منكبين على إحصاء رفاقهم من الشهداء والمصابين، ولم يكونوا مشغولين بالتفتيش فى وثائق الجزيرة الحمساوية التى تتهم الفتحاويين بالعمالة والفساد.

 

إن من حق أى كاتب أن ينتشى بنفسه ويمشى مختالا عندما يرى التيار الذى ينتمى إليه قابضا على الأغلبية فى هذا المجلس أو ذاك، لكنى أزعم أنه ليس من حق أحد أن يمارس رياضة توزيع الاتهامات بالعمالة لأجهزة الأمن يمينا ويسارا بغير دليل.. فليعلن الأستاذ فهمى قوائم البصاصين والأبواق طالما يتحدث بهذا اليقين.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved