مصر وقطر مرة أخرى

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين

آخر تحديث: الإثنين 22 ديسمبر 2014 - 11:48 ص بتوقيت القاهرة

أى مصرى وطنى عروبى حقيقى لابد ان يرحب بالمبادرة السعودية لتحقيق المصالحة بين مصر وقطر. لكن بعد هذا الترحيب علينا ان ننتظر ما سيحدث على الأرض.

خلال الأسابيع الماضية بذلت السعودية ودول خليجية أخرى جهودا مكثفة لإقناع قطر بالتوقف عن الطريق الذى تسير فيه بشأن مصر وهى جهود خليجية لابد ان نشيد بها لأنها قد تنهى هذا المأزق الذى تسببت فيه السياسة القطرية منذ قرارها الاستراتيجى بالانحياز لجماعة الإخوان فى كل المنطقة العربية وليس مصر فقط.

مرة أخرى ليس من مصلحة مصر ان تعادى قطر أو أى دولة عربية أو أجنبية كبيرة كانت أم صغيرة خصوصا ان التحديات التى تواجهها مصر متنوعة داخليا وخارجيا لكن فى نفس الوقت فلا يمكن التسامح مع أى دولة قريبة كانت أم بعيدة تتعمد العبث بالأمن القومى المصرى وتدعم قوى متطرفة لا تختلف عن داعش إلا فى الدرجة وليس فى المضمون.

زيارة المبعوث القطرى الخاص محمد بن عيد الرحمن آل ثانى إلى القاهرة ولقاؤه بالرئيس عبدالفتاح السيسى مساء السبت الماضى برفقة رئيس الديوان الملكى السعودى خالد بن عبدالعزيز التويجرى خطوة طيبة والبيان السعودى الذى أعقبه بشرة سارة والبيان القطرى الذى يتحدث عن حرص الدوحة على وجود علاقات وثيقة مع مصر وتقدير دورها الإقليمى شىء أكثر من ممتاز. لكن لأن المؤمن لا ينبغى ان يلدغ من الجحر مرتين كما يقولون فلا مفر من الانتظار حتى نرى ماذا ستفعل قطر على الأرض وكيف ستنفذ ما تم الاتفاق عليه فى اللقاءات المغلقة أكثر من مرة.

ليس سرا ان الدوحة تعهدت لمصر عشرات المرات سواء بصورة مباشرة أو عبر وسطاء بأنها ستغير من سياستها على الأرض بعد ان ظلت لسنوات تقسم بأغلظ الإيمان انها لا تتدخل فى الشأن المصرى أو تنحاز لطرف ضد آخر.

اليوم هناك كلام واضح ان الدوحة طلبت مهلة زمنية لتنفيذ هذه التغييرات فى سياستها بشأن مصر وفى القلب منها الحملات الإعلامية المتواصلة ضد الحكومة المصرية والسماح لمعارضين مصريين بالتخطيط لأعمال تمس الأمن القومى المصرى انطلاقا من الدوحة ودعم المتطرفين فى ليبيا.

وفى المقابل تتوقف بعض وسائل الإعلام المصرية عن الخوض فى أعراض بعض الشخصيات القطرية وبطبيعة الحال ذلك كان امرا يثير الغثيان ويتنافى مع أبسط قواعد الأخلاق والمروءة.

ما أعلمه يقينا ان جهات مصرية مسئولة لا تعتقد ان قطر سوف تنفذ هذه التعهدات بحكم التجارب السابقة لكن القاهرة قررت الاستجابة للمبادرة السعودية تقديرا لدور الرياض وحتى تثبت للجميع انها لم تفوت أى فرصة لإنهاء النزاع.

قبل أيام جمعتنى الصدفة ببعض الدبلوماسيين المصريين والعرب فى العاصمة الفرنسية باريس وكان الاجماع بينهم هو التشاؤم من استجابة الدوحة العملية للمصالحة مع مصر أو بقية الدول العربية وتقديرهم انها سوف تتحدث كثيرا بكلام معسول لكن يصعب عليها ان تغير مساراتها وخياراتها السياسية الراهنة بسهولة قبل مضى وقت طويل وتقديرهم ان الانحياز للإسلام السياسى صار قناعة لدى كثيرين داخل العائلة الحاكمة والنخبة السياسية المتنفذة.

مساء السبت تحدثت مع مسئول مصرى بارز وكان سعيدا بما حدث لكنه ليس شديد التفاؤل ورأيه ان القاهرة فى وضع الانتظار حتى يتم تنفيذ ما تعهدت به قطر وان القاهرة استمعت مرة أخرى إلى تعهدات جادة جدا من قطر فى الرياض قبل اسبوع بحضور المسئولين السعوديين.

اتمنى ان يكون تشاؤم بعض المسئولين المصريين ليس فى محله وان تخيب قطر كل التوقعات السلبية وان تتخذ قرارا استراتيجيا بإقامة علاقات طبيعية مع مصر وغيرها من الدول العربية تقوم على الاحترام المتبادل وعدم التدخل فى الشئون الداخلية.

هل يتحقق ذلك؟. إنا لمنتظرون.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved