ليستر.. بالمدرسة الإيطالية

حسن المستكاوي
حسن المستكاوي

آخر تحديث: الأربعاء 23 مارس 2016 - 10:00 م بتوقيت القاهرة

** جميلة كرة القدم أينما لعبت، ومهما كانت. وأستمتع بمشاهدتها والتفكير فيها، وأستمتع أيضا بقراءتها. ومن أجمل ما قرأت هذا التقرير الذى نشرته صحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية الشهيرة بعنوان: «من يستطيع أن يفك شفرة ليستر السرية»؟!

** فريق ليستر سيتى إعجوبة البريمير ليج هذا الموسم.. إذ يتصدر المسابقة، ويفوز، ولا يخسر إلا قليلا. والقوة تصنع شعبية، والأداء المميز يجذب الجمهور.. ومن أبرز نجومه جيمى فاردى الهداف والجزائرى رياض محرز..

** دان ألتمان الخبير الاقتصادى خريج جامعة هارفارد طرح سؤالا مهما فى إطار تحليله لمباراة بين ليستر وأرسنال، وهو كيف يمكن هزيمة هذا الفريق؟ وشرح ألتمان وجهة نظره فى مؤتمر التحليلات الرياضية الذى يعقد كل عام فى شهر مارس فى ماساتشوستس. فقال: كلما ارتفع معدل استحواذ ليستر سيتى على الكرة كلما قلت أهدافه. وأن الفريق يحقق انتصاراته بالهجوم المباشر والسريع والخاطف. ومن العمق. ويرى دان ألتمان أن على الفرق إيقاف ليستر بإجباره على اللعب نحو الجناحين، وحرمان الفريق من الهجوم المباشر من العمق..

** التحليل طويل وبه تفاصيل كثيرة مسنودة بأرقام ومسافات تتعلق بالمسافة التى يستحوذ فيها ليستر على الكرة، مسافة 30 مترا مثلا من مرمى المنافس، وسرعة الإنطلاق فى هجوم، يسفر عن أهداف، إلا أننى أرغب فى إضافة ما يلى:

الفريق يدربه الايطالى كلاوديو رانييرى..وهو من مدرسة تلعب بالهجوم المضاد منذ عقود. ولاحظ أن يوفنتوس حين لعب مع برشلونة أخيرا وتقدم بهدفين فعل ذلك بالكرات المرتدة السريعة. وهذا طابع لعب أصيل وضارب فى جذور الكرة الإيطالية. وتطبيقه بنجاح يعنى أن يملك المدرب والفريق الأدوات القادرة على التنفيذ.. ثم هناك الروح القتالية عند اللاعبين، وهم يملكون قوة دفع بانتصاراتهم المتتالية، والاقتراب من قمة الأضواء والشهرة..

** من جمال كرة القدم أن ترى الفارق بين ليستر وبين برشلونة. فالأول فريق لا يحب الاستحواذ، وليس هدفا فى ذاته. بينما الثانى يكمن سره فى الاستحواذ. ثم الانقضاض. وقد طور برشلونة هذا الاستحواذ، فمن مرحلة الملل، ودفع الخصم إلى الشعور بالملل، واليأس لعدم القدرة على استخلاص الكرة، إلى مرحلة الاستحواذ ثم الهجوم من ملعبه أو من منتصف الملعب. وجاء هذا التطوير حين امتلك برشلونة قوة ضاربة كاملة، سواريز، ونيمار، وميسى..

** لا توجد ألغاز فى كرة القدم.. ولا يوجد تكتيك لا يتغير، وإلا فإنه ليس تكتيكا، لكن هناك أسلوب لعب. وهذا الأسلوب يتطور وفقا لما يملكه الفريق من عناصر، وحين تخلت البرازيل على سبيل المثال عن طابع لعبها، منذ عام 1994 فى المونديال، فقدت الكثير جدا من قوتها. فالبرازيل سلالة رياضية من المستحيل أن يشعر أحد نحوها بالكراهية. فتقاليدها لكرة القدم مثل تقاليد فرقة باليه البولشوى الروسية. وتقوم فلسفة المدرسة البرازيلية على فرض الفريق لسيطرته دائما وهو يمتلك الكرة، وعلى أن يتحكم فى المساحات دائما حين يفقد الكرة.. وهم يلعبون ويمرحون ويضحكون ويمتعون ويتمتعون وكانوا يفوزون.. كانوا حين كانت رقصة السامبا ببهجتها هى لحنهم. ولم تعد البرازيل هى البرازيل حين أصبحت رقصتها دفاعية، على موسيقى الناى بحزنه والرق بإيقاعه ؟!

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved