مطلوب مراجعة الخطط فى سيناء

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين

آخر تحديث: الأربعاء 23 مارس 2016 - 10:00 م بتوقيت القاهرة

الحادث الإرهابى الذى أودى بحياة ١٣ ضابطا وجنديا من الشرطة مساء يوم السبت الماضى فى كمين الصفا بجنوب العريش، يشير إلى انه مطلوب مراجعة جديدة لكيفية مواجهة الإرهاب فى سيناء.

طبقا لما نشر عن الحادث فإن الإرهابيين أطلقوا قذائف هاون وآر بى جى على الكمين، ثم اقتحموه وأطلقوا الرصاص على كل الموجودين به.

المراجعة ليست عيبا، ولا تعنى بالضرورة أن هناك تقصيرا، لكنها تعنى أيضا أن الخصم أو العدو قد تغير وصار أكثر شراسة، وبالتالى وجب على الأمن المصرى ان يتغير أيضا.

من المعلوم بالضرورة ان التصدى للإرهاب يحتاج إلى منظومة متكاملة تبدأ باستيعاب أهل سيناء وتنتهى بالتنمية الشاملة. اليوم نناقش فقط الشق الأمنى، لأن العدو الذى نحاربه لا يؤمن بالديمقراطية أو التعددية، بل هو تكفيرى، كما انه يحارب كل من يحاول بناء مدرسة أو مستشفى أو منزل وبالتالى فهو لا يشغله كل ما نفكر فيه، هو يؤمن فقط بالقوة، ولا شىء سواها.

صار واضحا انه لا نهاية قريبة للإرهاب فى سيناء بل هو يتلقى العديد من المساعدات النوعية كل يوم، التى تتم ترجمتها فى عملياته على الأرض. عندما يكون هذا الإرهاب قادرا على قصف مواقع بالهاون أو الآر بى جى، فمعنى ذلك أنه يتلقى الدعم من دول أو أجهزة مخابرات أو منظمات وجماعات محلية وإقليمية ودولية. العمليات الأخيرة تكشف أن القدرة الاحترافية للإرهابيين تتزايد، وصار هناك شهيد يسقط كل يوم تقريبا فى صفوف الشرطة والجيش المصرى.

من الذى يدعم الإرهابيين؟ سؤال مفتوح على كل الإجابات من أول إسرائيل المستفيد الأكبر من كل ما يحدث فى المنطقة، ونهاية بتنظيم الإخوان وحركة حماس فى غزة عبر الانفاق، سواء بموافقة بعض اجنحتها المتطرفة، أو عدم قدرتها على السيطرة على الإنفاق بحيث تمنع دخول وخروج أنصار بيت المقدس والتنسيق مع أنصارهم داخل القطاع.

من الواضح أيضا أن التنظيم الإرهابى لايزال يتمتع بحاضنة شعبية فى مثلث الإرهاب من الشيخ زويد إلى رفح والعريش، وهناك تسريبات كثيرة عن إخلاء المنطقة من السكان قبل حادث كمين الصفا بساعتين، وهو ما تكرر فى حوادث أخرى أخيرا.

كيف يمكن مواجهة كل ذلك؟ لست خبيرا عسكريا أو محللا استراتيجيا، لكن ينبغى أن يجلس العقلاء والخبراء الأصليون ويعيدوا قراءة المشهد بأكمله من جديد.

لست من أنصار المطالبين بإجراءات عقابية بحق السكان، لأنهم ببساطة هم الطرف الأكثر تضررا من كل ما يحدث، حتى لو كان بينهم بعض «الخونة».

الطبيعى ان تبذل الحكومة وأجهزتها كل الجهود لتحصين الناس ضد سقوطهم فى شباك ودوامات الإرهابيين، وان تقدم لهم كل الدعم المطلوب لكى يقاوموا الإرهاب ويواصلوا حياتهم فى نفس الوقت.

الإرهابيون حاولوا إقامة دولتهم أو إمارتهم أو ولايتهم فى أول يوليو الماضى وفشلوا، وعمليات «حق الشهيد» أدت إلى نتائج جيدة، لكن من الواضح أن المعركة لاتزال طويلة، ونحتاج إلى تحقيق اختراق معلوماتى كبير لاصطياد رءوس الفتنة، واختراق اجتماعى وهذا هو المهم لفصل التنظيم الإرهابى عن الحاضنة الاجتماعية والا تتسبب الإجراءات الأمنية المشددة فى مزيد من تعاطف المواطنين العاديين مع الإرهابيين.

كل التحية والتقدير لجنودنا البواسل من شرطة وجيش أو حتى موظفين مدنيين يواجهون الإرهاب فى سيناء وغيرها من الأماكن.. وعلى الحكومة ان تعيد قراءة المشهد لتوفير كل سبل الدعم كى نتمكن من حسم هذه المعركة فى أقرب فرصة ممكنة لأن المشهد به الكثير من الألغاز.

من حق الجميع أن ينتقد الحكومة على أى تقصير فى مواجهة الإرهاب فى سيناء أو غيرها، لكن شرط ألا يكون هناك أى نوع من التعاطف من قريب أو بعيد مع الإرهابيين، كما يفعل بعض أنصار الإخوان، الذين يهللون لعلميات الإرهابيين فى سيناء وكأنها موجهة إلى الصهيانة!.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved