تحية للحكومة والمجلس العسكرى

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين

آخر تحديث: الثلاثاء 24 أبريل 2012 - 8:00 ص بتوقيت القاهرة

من هذا المكان انتقدت الحكومة مرارا وتكرارا ومعها المجلس العسكرى بسبب عشرات القرارات الخاطئة، ومن هذا المكان أيضا أوجه تحية كبيرة للحكومة والمجلس العسكرى على قرار إلغاء تصدير الغاز للكيان الصهيونى المسمى بإسرائيل.

 

لو أن هناك مطلبا اتفقت عليه جميع القوى السياسية فى مصر منذ 25 يناير وحتى الآن فهو الموقف من اسرائيل، ورأينا جميعا كيف ان كل المرشحين للرئاسة من أول المحتملين إلى المؤكدين أجمعوا على شىء واحد هو مقتهم لهذا الاتفاق، وإن كانوا قد اختلفوا على كيفية الإلغاء، وهل يتم بالتفاوض أو الإلغاء من طرف واحد.

 

وبعد أن شكرنا الحكومة يحق لنا ان نسأل ونتساءل ونفكر بصوت عال بشأن مغزى قرار الحكومة المفاجئ؟!.

 

المؤكد أن القرار يزيد من شعبية حكومة الجنزورى ومن شعبية المجلس العسكرى خصوصا عند «جمهور الترسو والدرجة الثالثة» إضافة بالطبع إلى «حزب سائقى التاكسى والميكروباص».

 

من حق الحكومة والمجلس ــ رغم انه يفترض انهما راحلان قريبا ــ السعى إلى زيادة شعبيتهما وإرضاء الشارع، وليتهما يستمران فى هذا المنوال ويستجيبان لكل المطالب الشعبية، لكن الخشية الكبيرة أن يستغل البعض هذه الشعبية المتوقعة لاتخاذ قرارات غير شعبية فى مسائل أخرى.

 

أحد الأسئلة الشكلية هى أن الحكومة اتخذت قرار إلغاء الصفقة يوم الخميس الماضى، فلماذا لم تعلنه للمواطنين يومها رغم أهميته، وأول من كشف عنه هو صحيفة هاآرتس الإسرائيلية عصر الأحد، وسارعت جهات حكومية مصرية إلى نفيه فورا، لكن عندما تأكدت المعلومة من الشركة الأمريكية الإسرائيلية «امبال» بدأت حكومتنا تعترف بالأمر، وكأنها تعتقد ان القصة ستظل سرية؟!.

 

السؤال الثانى: هل لم تخطر الحكومة المصرية الطرف الإسرائيلى أو الأمريكى بالأمر؟!.أشك فى ذلك كثيرا، فموضوع الغاز أمر حيوى للعدو الإسرائيلى، ثم ان أمريكا طرف فى الشركة المصدرة للغاز ناهيك عن انها الضامن لاتفاق كامب ديفيد بأكمله، والأهم من كل ذلك ان الإلغاء من طرف واحد إذا كان كذلك يشبه إعلان الحرب، فهل كان قرارا مفاجئا ولم يعلم به «جار السوء أو المعلم الكبير»؟!.

 

السؤال الثالث: كيف ترسل الحكومة والمجلس العسكرى مفتى الجمهورية على جمعة إلى القدس المحتلة يوم الأربعاء فى خطوة تطبيعية كبيرة، ثم تلغى تصدير الغاز إلى إسرائيل فى اليوم التالى. وفى التوقيت نفسه، تبدأ تل أبيب اقناع سائحيها بمغادرة مصر بحجة توقع حدوث «عمليات إرهابية» فى سيناء؟.

 

وارتباطا بذلك وقبل إعلان «هاآرتس» بقليل عن خبر إلغاء الاتفاق. فإن «حارس المواخير الليلية فى مولدافيا» الذى صار وزيرا لخارجية إسرائيل افيجدور ليبرمان قال ان القاهرة بعد الثورة صارت أخطر على تل ابيب من الملف النووى الإيرانى، مطالبا بإعادة حشد القوات الإسرائيلية على الحدود مع مصر وإحياء «القيادة الجنوبية».

 

السؤال الخامس: هل هناك علاقة بين هذا الإلغاء و«التلكك الأمريكى الاخير» فى الموافقة على قرض صندوق النقد الدولى لمصر والبالغ 3.2 مليار دولار؟!.

 

السؤال السادس: ما هى العلاقة بين كل الأسباب السابقة وقرار الإلغاء؟! بالطبع يصعب تصديق أننا ألغينا الاتفاق لأن الطرف الإسرائيلى أخل بشروط التعاقد وتأخر فى سداد بعض المستحقات فقط لأنه بهذا التبرير كان يمكننا الغاءه منذ سنوات؟.

 

فى كل الأحوال نكرر الشكر والتحية للمجلس العسكرى وحكومة الدكتور الجنزورى على هذه الخطوة.

 

ويبقى بعد ذلك السؤال الأكثر كوميدية: إذا كان الغاز سوف يتوقف فى الخط الموجه إلى إسرائيل فهل أصبح الذين «أدمنوا تفجيره» عاطلين عن العمل.. أو كما قال الساخرون فى الفيسبوك: «هتوحشنا يا ملثم»!.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved