عوالم الأبطال الصغار والكبار!

عمرو حمزاوي
عمرو حمزاوي

آخر تحديث: الثلاثاء 23 يونيو 2015 - 10:15 ص بتوقيت القاهرة

ليس لأصحاب الصوت المرتفع ولا لمدعى احتكار الحقيقة المطلقة ولا لحملة أختام الصواب الخالص والخطأ الكامل ولا لممارسى ترويج الرأى الواحد وقمع الآراء الأخرى زيفا باسم الوطنية أو الدين أو باسمهما معا، ليس لهم الطاقات الأخلاقية والنفسية والعقلية اللازمة 1) للمراجعة العلنية للذات، 2) للاعتراف بضعفهم وضعف غيرهم إزاء ثنائيات «الثواب والعقاب» ودوائر «الاستتباع نظير الحماية والعوائد» التى تعرضهم لها نظم الحكم ونخبها ونخب الثروة والنفوذ والنخب البديلة المتكالبة دوما وفقط على السلطة، 3) للتصريح بمخاوفهم «البسيطة» على سلامتهم الشخصية وسلامة أسرهم، ومخاوفهم «غير البسيطة» على الحضور والدور فى المجال العام ومساحات القبول والتأثير وحدود الانتصار ﻷهدافهم ومصالحهم.

يريد أصحاب الصوت المرتفع ومدعو احتكار الحقيقة المطلقة وحملة أختام الصواب الخالص والخطأ الكامل وممارسو ترويج الرأى الواحد أن ينظر لهم الناس زيفا كأبطال يتقدمون الصفوف ويشكلون الطليعة ويتماهون مع البطل المنقذ الذى يحكم أو مع البطل المنقذ الذى يعارضه أو مع الممول المتحالف مع أى منهما أو مع كليهما. ولذلك، يندر أن يخرج هؤلاء «الأبطال الصغار» المتماهون مع «الأبطال الكبار» على الناس دون لغة جسد ذكورية أو دون لغة خطاب تستدعى المفردات البدائية للقوة المختزلة فى بطش وقمع وتهديد للمناوئين بإنزال العقاب.

وفى عوالم «الأبطال الصغار والكبار» لا مكان أبدا لمن يبحث عن غير الحقائق المطلقة، أو لمن يراجع الذات علنا، أو لمن يعترف بالضعف والخوف ويجتهد لمقاومتهما بغية الحفاظ على الاتساق الأخلاقى والإنسانى والعقلى، أو لمن تدفعه خشية الصمت على المظالم والانتهاكات وخشية التورط فى التناول الميكانيكى لها ﻹبراء الذمة وإسكات صوت الضمير إلى التصريح بكل ذلك لكى يلزم ذاته عملا بالامتناع عن الصمت وبالابتعاد عن مواضع الذلل والمواقف الرمادية، أو لمن يرى أن حضوره ودوره فى المجال العام يلزمانه بإشراك الناس فى مساءلته ومحاسبته لذاته أملا فى التزام أوضح بالقيم والمبادئ التى يؤمن بها وفى الانتصار لحلمه المشروع «المواطن الحر والمجتمع المتسامح والدولة العادلة» دون مزايدات على أصحاب القيم والمبادئ والأحلام الأخرى.

فى عوالم «الأبطال الصغار والكبار» لا مكان لنا أبدا، فى عوالم لغة الجسد الذكورية وخطاب القوة البدائية واستعراضات الحقائق المطلقة التى لا تتوقف لا مكان لنا ولا لاعترافنا بالضعف وخوفنا على الاتساق الأخلاقى والإنسانى والعقلى فى معية الجنون وثنائيات الثواب والعقاب ودوائر الاستتباع نظير الحماية والعوائد ومراجعتنا لذواتنا إزاء خطر الصمت على المظالم والانتهاكات مع أننا لم نصمت أبدا ونقطع عملا بالتصريح الطريق على صمت قد يلوح فى أفق جمهورية الخوف وعلى تناول ميكانيكى للظلم يخلو من الصدقية والمضمون، لا مكان لنا.

 

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved