2- الاستقامة ج- كيف تكون؟

جمال قطب
جمال قطب

آخر تحديث: الخميس 23 نوفمبر 2017 - 8:15 م بتوقيت القاهرة

بعد أن رأينا «الرصيد اللغوى» لمصطلح الاستقامة، وبعد معرفة مدى قدسية الاستقامة يجب أن يحدث نفسه: كيف تكون الاستقامة؟ وماذا أفعل كى أطيع أمر الله فى قوله تعالى: ((فاسْتقمْ كما أمرْت ومن تاب معك ولا تطغوا ۚ إنه بما تعملون بصير* ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار وما لكم من دون الله من أولياء ثم لا تنصرون * وأقم الصلاة طرفى النهار وزلفا من الليل ۚ إن الحسنات يذهبن السيئات ۚ ذٰلك ذكرىٰ للذاكرين * واصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين)).. فهذا أمر صريح لرأس الأمة وخاتم الأنبياء ومعه جميع المؤمنين التائبين. وهذا الأمر الإلهى ((فاستقم كما أمرت ومن تاب معك..)) نزل مشمولا بأوامر هى: 1ــ ((ولا تطْغوا) ) 2ــ ((ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار وما لكم من دون الله من أولياء ثم لا تنصرون)) 3ــ ((وأقم الصلاة)) 4ــ ((واصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين)).. فالقرآن كما عهدناه دائما يسارع ببيان كيفية تنفيذ الأمر، ويصف لنا الأدوات والوسائل التى تساعدنا على تنفيذ الأمر بسهولة ويسر وأمان.
ــ1ــ
وأبسط تعريف للاستقامة نأخذه من تعريف الخط المستقيم، والخط المستقيم هو أقصر مسافة بين البداية والنهاية. وذلك هو الصراط المستقيم الذى نطلب من الله أن يهدينا إليه ((اهدنا الصراط المستقيم) ) أى نرجو يا ربنا أن تدلنا على أقصر وأسرع وأقرب طريق لتحقيق رضاك.
ــ2ــ
فالصراط المستقيم أو الخط المستقيم هو الطريق المباشر بين المسلم المكلف وبين رضا الله (طريق مباشر قصير سريع آمن) وأهم الوسائل المساعدة على سلوك ذلك الصراط المستقيم هى: 1ــ الإيمان 2ــ عدم الطغيان 3ــ عدم الركون إلى الظلم والظالمين 4ــ مداومة الصلاة 5ــ الاستمساك بالصبر بفرعيه: أ) صبر على مواصلة الطاعة ب) صبر على الاقتراب من المعاصى والشبهات
ــ3ــ
فأول الاستقامة ومبدأها معرفة الله والاطمئنان إلى حكمته فى قضائه وقدره والاطمئنان إلى دوام الرزق وحفظه، والاطمئنان إلى أجل الإنسان أنه بيد الله لا سنقص ولا يزيد. وهذا الإيمان يمد الإنسان بطاقة إيجابية تجعله يواجه أحوال الحياة وتقلباتها بثبات ويقين أن آخر هذه الحياة يوم جزاء ينال كل إنسان فيه جزاء ما فعل.
ــ4ــ
وفى رحلة الحياة يلتزم المسلم المستقيم بعدم الطغيان أى بعدم مجاوزة الحد وعدم العدوان على آخرين. ويتمثل الطغيان والعدوان فى صور متعددة، فمن الطغيان أن تتناسى مسئولياتك وتهمل واجباتك وتضيع رعيتك لأنك مشغول بغير ما كلفك الله به. ومن الطغيان أن تسرف فى أحد مجالات الحياة وتبالغ فيها غير ملتفت إلى بقية شئون الحياة، فهل يدير الإنسان متطلبات الترفيه قبل تدبير متطلبات العلم والعمل والإنتاج وقبل ضرورات الطعام والشراب والملبس والسكن والدواء؟! ومن الطغيان أن تمارس سلطاتك وحقوقك بتعسف دون مبرر، فكل ذلك الطغيان يصرفك عن استقامة وجهتك فى السير إلى الله.
ــ5ــ
ومن أركان الاستقامة عدم الركون إلى الظالمين، أى عدم مصاحبتهم لأن مصاحبة الظالم إقرار له على ظلمه، وتأييد له فى تجاوز الحدود، وضغط شديد على المظلومين قد يفقدهم الصبر والتحمل فيقعوا فى حبائل الشيطان كفرا وتمردا ومعصية لأنهم يرون الشخص المعتدل مصاحب وملازم للظالم وهذه المصاحبة تأييد للظلم وإعانة عليه. فيصبح المؤيد للظالم معوجا عن الحق ومائلا عن الاستقامة.
ــ6ــ
أما مداومة الصلاة فهى مداومة تجديد العهد والميثاق بينك وبين ربك حيث تناديه عشرات المرات ((اهْدنا الصراط الْمسْتقيم) ) فيستجيب الله نداءك ويهديك ويعينك فيرى الإنسان نفسه بعد كل فترة من اليوم واقف بين يدى ربه فيتذكر واجباته ويراجع هفواته ويجدد عزيمته ويصلح خطواته ويتراجع عن أخطائه فالصلاة أكبر دعم للاستقامة ومعين عليها.
ــ7ــ
ومن دعائم استقامة الإنسان أن يواجه تقلبات الحياة بصبر جميل حيث أن الثقة فى حكمة الله تمد الإنسان بالصبر والثقة فى عدل الله تعين على الرضا والثقة فى حسن الجزاء ومضاعفة الثواب تجعل العاقل مشتاقا لوعد الله للصابرين حيث يقول ((إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب)).
يتبع

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved