إلى الذين ينافقون الشرطة

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين

آخر تحديث: الجمعة 24 يونيو 2011 - 9:04 ص بتوقيت القاهرة

هناك شىء إيجابى يحدث داخل جهاز الشرطة هذه الأيام، ينبغى علينا تشجيعه حتى نستطيع خلق جهاز جديد يقوم فعلا على احترام حقوق الإنسان.

الشىء الإيجابى أن الوزارة تدعو أحيانا بعض الكتاب والصحفيين والمفكرين وتطلب منهم بكل ود أن يخبروها عن اقتراحاتهم المحددة للمرحلة المقبلة لتجاوز الأزمة الراهنة.

ولأننا نحتاج الى المصارحة بشدة، فإن آخر ما يحتاجه جهاز الأمن هذه الأيام، هو قيام بعض الإعلاميين بنفاق الشرطة مرة أخرى. هؤلاء الإعلاميون صاروا مثل الدبة التى قتلت صاحبها، رغم أنها كانت تريد مساعدته.

كثير منهم لم يتعظ مما حدث لزملائهم المنافقين قبل الثورة، وصاروا يبحثون بدأب شديد عن «سيد جديد» يقدمون له فروض الطاعة والولاء، باعتبارهم لا يصلحون إلا ليكونوا عبيدا.

مثل هذه النوعية عندما تنافق الشرطة هذه الأيام، فهى لا تبحث فقط عن منصب أو مغنم بل تدمر بلدا يريد أن ينهض.

قبل أيام استمعت لبعض الإعلاميين وهم يشخصون حالة الشرطة الآن، وكانت المفاجأة صاعقة.
تطوع هؤلاء الزملاء فى وصلة نفاق بلا طلب وبلا منطق ..بدأ أحد الزملاء توصيف ما حدث ليس باعتباره ثورة ولكن « تمردا من الشعب ضد الشرطة، وإساءة أدب» لمن يصفهم بــ«مشاغبين ومسجلين خطر ضد أقسام الشرطة».

زميل آخر يتساءل باندهاش عن المطالبين بتصدى الشرطة للبلطجية قائلا: «كيف يفعل هؤلاء الضباط ذلك وزملاؤهم تتم محاكمتهم رغم أنهم تصدوا للدفاع عن الأقسام أثناء الثورة؟!»
زميل رابع يقول إننا شعب تعود على الخنوع والحكم المطلق، وإن الديمقراطية قد تقودنا إلى كوارث لا حصر لها.

وزميل خامس لا يرى فى ثورة 25 يناير إلا مجرد مؤامرة من حماس والإخوان وحزب الله لكسر هيبة الداخلية عبر مخطط سبق يوم 25 يناير باقتحام كل الأقسام والسجون. وسادس يرى القضية برمتها مؤامرة أمريكية إسرائيلية قطرية، عبر عناصر من حركة 6 أبريل أو مؤيدى البرادعى.

شخصيا احترم وجهة نظر أى شخص حتى لو كانت مفرطة فى السطحية أو الغرابة، لكن هؤلاء الزملاء، فاتهم شىء بسيط وهو أن الثورة قامت بالفعل، وأحد أهم أسباب قيامها هو سوء معاملة الشرطة للشعب.

ثم إن كل قادة الداخلية الآن يقرون بأن هناك ممارسات غريبة وشاذة حدثت فى العهد البائد وأنهم حريصون على عدم تكرارها، وبالتالى فعندما يحاول هؤلاء الصحفيون والإعلاميون التماس العذر للشرطة، يصبح منظرهم غريبا ومريبا ومهينا.

الشرطة تطلب النصح والمشورة، وبالتالى فعلى من يتحدث أن يكون ملما بالموضوع أولا، ومتجردا من الهوى ثانيا، ومحبا لوطنه ثالثا، وألا يخلط بين العلاقة الشخصية مع بعض الضباط وبين مصلحة الوطن.

لسوء الحظ أن بعض مندوبى وسائل الإعلام الذين يغطون ويتابعون أخبار وزارة الداخلية ينسون أنهم صحفيون ويتعاملون مع أنفسهم باعتبارهم موظفين ــ بدرجة مخبر ــ عند هذا العميد أو ذاك اللواء.

إذا كانت هذه الممارسات الشاذة جائزة ــ وهى ليست كذلك ــ أثناء العهد الماضى، فلا ينبغى أن نسمح بتكرارها تحت أى ظرف الآن.

المطبلون والمزمرون هم أحد أسباب سقوط الشرطة يوم 25 يناير الماضى، وبالتالى فعليهم أن يغيروا منهجهم، أو يختفوا قليلا.. الشرطة تحتاج لنقاد يكشفون نقاط ضعفها، لأنها جربت المنافقين كثيرا وتعرف عواقب الاستماع إلى نصائحهم.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved