مباراة .. الشمس الساطعة

حسن المستكاوي
حسن المستكاوي

آخر تحديث: الأربعاء 24 يوليه 2013 - 8:00 ص بتوقيت القاهرة

●● أظن أن الجونة التى سيلعب بها الزمالك والأهلى اليوم تعنى فى اللغة العربية الشمس، أو مكان يحظى بأشعة شمس ساطعة، وهى أيضا الفحمة السوداء، ما يطلق على قرص الشمس عند المغيب.. والجونة مدينة أنشئت عام 1990 وتقع قبل الغردقة بحوالى 22 كيلومترا.. ولم أتوقع ولم يتوقع أحد ولم يحدث أبدا منذ عام 1911 أن لعب الأهلى والزمالك مباراة رسمية مهمة وسط مناخ يجسد عدم الاهتمام، أو سط ظروف مماثلة، فهناك صخب ومواجهات فى شارع السياسة، وهناك تهديدات من جماهير الفريقين (ألتراس) وصلت إلى حد التلويح بالاقتحام ولو ترتب على ذلك حرمان المنتخب من التأهل لكأس العالم، أو القضاء على كرة القدم فى مصر، حسبما نسبت إليهم الصحف والتصريحات، وهم الذين يقولون إنهم يحبون كرة القدم ويحرصون على حضور المباراة حبا فى كرة القدم..!

●● كان يوم لقاء الأهلى والزمالك قديما يوما خاصا مبهجا ومثيرا، يجتمع فيه الأصدقاء والأهل للمشاهدة معا والاحتفال معا والضحك والحزن معا، وكانت تلك المشاعر وكل الأشياء نبيلة، وشريفة وجميلة.. وها نحن ننتظر مباراة بين الفريقين الكبيرين، على مسافة 470 كيلومترا من القاهرة، بعدما تعذر إقامتها فى العاصمة أو فى الإسكندرية. والطريق إلى المكان محفوف بالكمائن الأمنية، كأننا بصدد عقد اجتماع فى الجونة للروءساء والقادة العرب أو من بقى منهم، لإعلان الحرب على أمريكا والغرب!

●● لا أصدق ما نحن فيه وما وصلنا إليه، تبدو المباراة ساخنة بأقلام النقاد الرياضيين، وهى ليست كذلك فى عقول أغلبية المتفرجين، الذين شدتهم دراما العنف فى الشارع أكثر مما تشدهم دراما الخصومة فى الملعب.. ففى القديم تحولت ظاهرة الأهلى والزمالك وزادت حدتها، وتخطت حدود الرياضة، كما قال الكاتب اللبنانى سليم اللوزى مؤسس مجلة الحوادث: «أن الأهلى والزمالك هما الحزبان الوحيدان فى الوطن العربى..» وهو ما فسره فى يوم من الأيام الأديب الدكتور حسين فوزى، الذى اشتهر بلقب السندباد المصرى كتب فى الأهرام: «إن جمهور الكرة عموما ظاهرة اجتماعية وإن موت الأحزاب عندنا وحاجة الناس إلى شىء يتحزبون له وراء ظاهرة كرة القدم فى مصر»!

●● كان ذلك فى سنوات الستينيات.. لكن ما علينا، مع الاعتذار لباسم يوسف وبرنامجه الإذاعى اليومى، نرجو أن تمضى القمة بسلام، فلا يعكرها اقتحام، ولا يفسدها سوء الأداء، وتكون سلمية ولا تكون مثل المظاهرات السياسية، عنيفة، متوترة، غاضبة، سلمية بالكلاشينكوف.. أو سلمية بطعم المولوتوف!

●● قد تدخل تلك المباراة تاريخ لقاءات الفريقين باسم مباراة الشمس الساطعة، أو مباراة الفحمة السوداء.. اللهم اجعلها الأولى!

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved