عطست الصين فأصيب العالم بالزكام

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين

آخر تحديث: الإثنين 24 أغسطس 2015 - 6:25 ص بتوقيت القاهرة

«إذا عطست الصين أصيب العالم كله بالزكام»، لم يعد هذا الكلام خياليا أو من قبيل المبالغة، بل صار أمرا حقيقيا نشعر به فى كل لحظة فى كل مكان بالعالم.

تباطأ النمو فى الصين وظل ينخفض حتى وصل إلى نحو ٧٪ بعد أن تجاوز ١٣٪ فى بعض السنوات الماضية.

انخفاض النمو له أسباب متعددة، من أول تراجع التجارة العالمية وتشبع الأسواق العالمية بالمنتجات الصينية، وتشبع السوق الصينية نفسها إلى حد ما، مرورا بأسباب مختلفة كثيرة منها المطالبات الدولية المستمرة بضرورة رفع قيمة العملة الصينية «اليوان» أو «الآر إم بى» حتى تنخفض قيمة الصادرات الصينية، نهاية بتقليل التلوث البيئى، حيث تعتبر الصين الأولى عالميا تقريبا مع الولايات المتحدة فى تلويث البيئة، وبالتالى الاحتباس الحرارى الذى يهدد كل العالم بكوارث بدأنا نعاينها أخيرا.

لم يعد فى مقدور أى دولة أن تنعزل عالميا وتغلق حدودها، كان يمكن أن يحدث ذلك من عشرين أو ثلاثين عاما، لكن ثورة الاتصالات والمواصلات أنهت ذلك للأبد.

وهكذا فإن تباطؤ النمو فى الصين صار يؤثر فى كل العالم سلبا أو إيجابا، كذلك تلعب الأزمة الاقتصادية الحادة فى اليونان وبعض بلدان جنوب أوروبا ومنطقة الشينجين وأزمة السندات الحكومية، وانخفاض أسعار البترول دورا مهما للغاية فى هذا الصدد.

وعندما وقعت الدول الست الكبرى اتفاقها الشهير قبل أسابيع مع إيران بشأن برنامجها النووى المثير للجدل، رأينا البعض يتحدث عن خرائط اقتصادية جديدة فى المنطقة وليس فقط مجرد خرائط سياسية أو حتى مذهبية واستراتيجية.

ما يحدث فى البورصة المصرية من تراجع حاد فى الأيام الأخيرة سببه الجوهرى هو هذه الأحداث العالمية، الأمر الذى لم يحدث منذ نحو أربع سنوات تقريبا.

طبعا هناك أسباب داخلية لا يمكن إنكارها، لكن معظمها ثابت ومستمر منذ فترة، وبالتالى فإن المتغير الرئيسى كان الأحداث الدولية.

هذا الأمر لم يكن قاصرا فقط على مصر وبورصتها، بل على غالبية البورصات العربية النشطة وبالأخص فى منطقة الخليج التى تعرضت لضربات شديدة فى الجلسات الأسابيع الماضية، وآخرها جلسة أمس الأحد.

طبعا «خسائر البورصة دفترية محضة ولا تتحقق إلا بالتنفيذ، ورأس المال السوقى دلالته الأساسية ليست يوما بيوم»، كما يقول الباحث الاقتصادى المرموق الصديق وائل جمال، تعليقا على تداول المواقع الإخبارية، صباح أمس الأحد، أن خسائر البورصة بلغت ١١,٦ مليار جنيه بعد تداول أسهم بقيمة إجمالية قدرها ١٠٥ ملايين جنيه وهو الرقم الذى قفز فى نهاية تعاملات الجلسة إلى نحو 15.45 مليار جنيه نتيجة تراجع الاسهم الرئيسة بصورة لم تحدث منذ عشرين شهرا.

لكن الفكرة التى أريد توصيلها اليوم أننا لم نعد ولن نستطيع أن ننعزل عن العالم ونتأثر به سلبا أو إيجابا. لكن يظل أننا كلما كنا أقوياء داخليا، وقادرين على بلورة نظام اقتصادى قوى وعادل ومنتج يستطيع أن يوازن بين الصادرات والواردات، وقادر على تلبية الحاجات الأساسية للمواطنين، كلما فعلنا ذلك، تمكنا من تلافى الآثار السلبية لأى اهتزازات اقتصادية ضخمة لدى الكبار سواء كانوا فى الصين أو أمريكا أو أوروبا.

المفارقة أننا كلما اندمجنا فى الاقتصاد العالمى أكثر كان تأثرنا به أكبر، فى حين أن قلة الاندماج تقلل من الخسارة فى حال تراجع الاقتصاد العالمى. الحل الوحيد أن نكون منتجين.. وكما يقولون: «ما حك جلدك مثل ظفرك.. فتول أنت جميع أمرك».

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved