عبدالناصر.. وقصة السيجارة الأولى لمحمد صبحى

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين

آخر تحديث: الجمعة 24 أكتوبر 2014 - 8:05 ص بتوقيت القاهرة

يوم الجمعة الماضى، كتبت عن السيجارة التى كلفت أحد الزملاء الصحفيين المصريين 2250 جنيها فى أحد فنادق نيويورك. صبيحة يوم السبت تلقيت رسالة رقيقة من وزيرة التضامن الاجتماعى د. غادة والى تشيد بالمقال وتدعونى لحضور ندوة عن «المعالجة الدرامية لقضية التدخين وتعاطى وإدمان المخدرات فى القنوات الفضائية المصرية».

لبيت الدعوة شاكرا، واكتشفت أنها ندوة غير تقليدية، لأنها من النوع الذى تستفيد منه، وليس بطريقة تكرار الكلام النمطى.

قدم الندوة وأدارها باقتدار وخفة دم الإعلامى محمد على خير وحضرها نخبة منتقاة من الضيوف والمتحدثين.

الفنان الكبير محمد صبحى قال إنه حضر فيلما هنديا فى سينما قصر النيل عندما كان عمره 14 عاما. قبل بداية الفيلم شاهد جمال عبدالناصر فى أحد أخبار «الجريدة الناطقة» يدخن ولأنه كان متيما بالرئيس فقد قرر تقليده، وخرج من السينما واشترى سيجارتين «بخمسة تعريفة» وهنا بدأت رحلته مع التدخين.

قال صبحى أيضا إنه ذهب لعلاج زوجته فى مستشفى دالاس الأمريكى منذ سنوات، وعندما أراد تدخين سيجارة اكتشف أنه لا يستطيع أن يفعل ذلك إلا على مسافة كيلو ونصف الكيلو من المستشفى.

ذات يوم شاهده أحد تلاميذ مدرسة بالمعادى يدخن فى سيارته فصرخ قائلا «الأستاذ ونيس بيدخن» فاضطر للقول أنه أخذ السيجارة من السائق المدخن لكى يلقيها حتى لا تنهار صورة القدوة فى نظر التلميذ.

ورد صبحى على أصحاب نظرية تقديم الواقع فى السينما والفن عموما بقوله: «يا سيدى قدم الواقع كما تشاء، لكن لا تجعلنى أحبه». لأن العمل الفنى يعرض للبطل وهو يدخن أو يشم لمدة 75 دقيقة مبتسما وسعيدا، وهو ما يجعل المشاهد يتعاطف معه ويقلده، دون أن يتأثر بآخر خمس دقائق المتضمنة الوعظ والإرشاد.

أستاذ الإعلام الدكتور سامى عبدالعزيز أقسم بالله أن قرار مكافحة التدخين والإدمان أخطر من قرارات رفع الدعم.

المهندس نجيب ساويرس الذى تم تكريمه فى المؤتمر لدعمه المستمر لصندوق مكافحة الإدمان. قال إنه مادامت القوانين تصدر فى مصر الآن بمثل هذه السهولة فعلينا إصدار قانون لمنع التدخين فى الأماكن العامة، مضيفا أن «المدخن حر فى أن يؤذى نفسه لكنه ليس حرا فى إيذاء صحتى».

وعرض الدكتور طارق عكاشة أستاذ الطب النفسى فى جامعة عين شمس للأرقام المفزعة التى تقول إن هناك 450 شخصا يموتون كل يوم بسبب التدخين وأن هناك ما بين 13 ــ 15 مليون مصرى مدخنين بنسبة 20٪، وهناك 3 ملايين مدمن، وأن التدخين يكلف الدولة 36 مليار جنيه سنويا، معتبرا أن رؤية الشباب الصغار خصوصا من 12 ــ 14 سنة لنجمهم المحبوب فى السينما والتليفزيون وهو يدخن يشبه المسدس المصوب إلى رءوسهم.

الدكتورة غادة والى تحدثت كثيرا عن مخاطر التدخين، وأهمية دور الدراما فى الترويج، أو المنع، وكشفت عن مفارقة غريبة وهى أن التليفزيون المصرى الرسمى طلب عشرين مليون جنيه لبث حملات إعلانية ضد التدخين والإدمان، فى حين أن القنوات الخاصة قبلت أن تعرضها مجانا.

للأسف لم أستمع إلى مداخلة الإعلامى عمرو الليثى لوصولى متأخرا، لكننى رأيت مشاهد من مسلسلات وأفلام تمجد من قيمة التدخين ولا تحاربه. المؤكد أن مؤلفى ومنتجى وأبطال هذه الأعمال لا يدركون أنهم يرتكبون أخطر الجرائم فى حق الشعب خصوصا الشباب حينما يفعلون ذلك. وبالتالى، فإن هذه الندوة تدق ناقوس الخطر لهؤلاء حتى يتوقفوا عن جريمتهم.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved