وبعد الطوفان

محمود قاسم
محمود قاسم

آخر تحديث: السبت 24 نوفمبر 2018 - 12:00 ص بتوقيت القاهرة

فى هذه السلسلة من العمود الصحفى نحاول رؤية الأفلام الموجودة على اليوتيوب التى تاهت عن المشاهدين بفعل الزمن، واكتشفنا وجودها من خلال اليوتيوب، وأدركنا أن أغلبها من انتاج أربعينيات القرن العشرين التى اختفت بفعل فاعل لأن أغلبها كان يصور الحياة الوردية التى عاشها المصريون فى تلك الحقبة لأن ثورة يوليو حاولت اقناعنا أن الحياة العصرية بدأت مع عام 1952
ولم أكن أتصور أننى سوف أكتب عن فيلم حديث الإنتاج صدر عام 2013، وذلك لأن الرقابة مهما فعلت فإن اليوتيوب يعطى للناس الفرصة لمشاهدة كل ماهو ممنوع، ومنها هذا الفيلم الذى كتبه وأخرجه حازم متولى باسم «وبعد الطوفان»، باعتبار أن الفيلم الذى يعرفه الناس لتلك المرحلة باسم «بعد الموقعة» من اخراج يسرى نصر الله، وهو الفيلم الذى عرض فى مهرجان كان، وكان حول منطقة نزلة السمان، وهو من بطولة منة شلبى، وكما نلاحظ فإن الفيلمين قريبان فى العنوان، ففيلم «وبعد الطوفان»، من بطولة حنان مطاوع، وأحمد عزمى، وهيام حجاج، وهالة فاخر، ومكتوب فى دعاية اليوتيوب أنه ممنوع من العرض، باعتبار انه عن ما حدث للمواطن عقب أحداث يناير، خاصة أن وقائع الفيلم تبدأ فى اليوم الذى تنازل فيه الرئيس السابق حسنى مبارك عن الحكم، فى ايام قليلة قبل أن تسخن الأحداث أكثر،
اشرت مرات كثيرة أن ضخامة الثورة يحول دون عمل فيلم ضخم الانتاج يناسب قوة الحدث، ولذا فإن جميع الأفلام التى حاولت مسايرة الأحداث تدور غالبا فى أماكن مغلقة، وتتم الاستعانة بمقتطفات مما كانت تبثه المحطات، أى أن الأحداث الكبرى كانت تدور فى الخلفية، ومنها فيلم «اشتباك» و«حظ سعيد»، وأيضا «وبعد الطوفان»، والاسم كما نرى يعكس قوة الحدث رغم أن الأماكن فى الفيلم سادها الهدوء، وعاد اليها الرونق، وانزوى الشباب فى المقاهى التى تطل على البحر فى الاسكندرية حيث تصل ياسمين قادمة من لندن، وفى مدينة الاسكندرية تلتقى بجرحى الثورة، وغيرهم من الشباب الحالمين بأن تصير مصر افضل، ويعرض الفيلم تفصيلات الحياة كانت شخصيات رئيسة فى الثورة، أو المجتمع المصرى.
هذه الباحثة المتخصصة فى الطب النفسى جاءت تحلم بغد أفضل، ويبدو ذلك واضحا فى الحوار الذى يدور بينها وبن سائق التاكسى لذى أقلهامن المطار، فهما يتبادلان التحية من خلال كلمات كقصائد غزل فى الوطن، وتلتقى الفتاة بالعديد من الشباب، وتتعرف على الضحايا الذين يعيشون بالأمل مثل الفتاة آية التى فقدت احدى عينيها وكريم الصحفى الذى كتب المقالات، وأعد التحقيقات الصحفية، الذى يصحبها فى نهاية الاحداث إلى السجن لمقابلة سجين من كبار الفاسدين، وفى مكتب المأمور تأتى الأخبار أن هذا الفاسد انتحر بما يعكس أنه قتل فى السجن، وانه رفيق الطيب الذى كان يوما ما طفلا اسمه عوض، كان لصا منذ الطفولة، ارتكب الجرائم. وكم اشتهى زوجة أبيه وشرب الخمر مع أبيه، فلما كبر هرب وغير اسمه، ومارس السياسة، وأنكر أمه وصار وزيرا فاسدا باسم رفيق الطيب ثم تم القبض عليه عقب يناير، كما أن ياسمين تقابل ضابط الشرطة الذى أصابته لوثة عقلية فصار سكيرا، وهو الذى شهد كيف صار زملاء المهنة فاسدين حققوا الكثير من المكاسب، ويبدو الأمر أن بعد الطوفان تم وأد الحلم الذى جاءت ياسمين من أجله من لندن لعمل دراساتها عن حالة واحدة واكتشفت حالات كثيرة جرفها هذا الطوفان.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved