داعش واليابان

الأب رفيق جريش
الأب رفيق جريش

آخر تحديث: الأحد 25 يناير 2015 - 8:15 ص بتوقيت القاهرة

فى 20 يناير الماضى هددت داعش من خلال فيديو بذبح رهينتين يابانيين، مطالبين الحكومة اليابانية بـ200 مليون دولار فدية للإفراج عنهما خلال 72 ساعة وإلا سيُذبحان ورغم أن الرهينتين فى قبضة داعش منذ شهور إلا أن التوقيت تصادف مع زيارة رئيس الوزراء اليابانى «شينزوأبى» مدة ستة أيام بدأت بمصر فى 17 يناير فالأردن ولبنان وإسرائيل والأراضى الفلسطينية وإعلان اليابان أنها ستدعم الدول التى تحارب الإرهاب بـ200 مليون دولار (لاحظ نفس المبلغ المطلوب للفدية).

زيارة «أبى» لم تكن زيارة اعتيادية بل لتحسين الروابط الأمنية وتعضيد السياسة والمصالح الأمريكية فى المنطقة فأصبحت سياسة الولايات المتحدة هى الارتكاز والاتكال على شركاء بدلا من أن تكون هى القطب الأوحد الذى يتصدر الحرب على الإرهاب كما كان فى السابق، مثال على ذلك افغانستان والعراق التى كانت مشاركة الشركاء فيها أقل بكثير من شركاء التحالف فى الحرب على داعش وفى نفس الوقت كسر حيدة الدول التى فى السابق كانت تشجع أمريكا وسياستها بدون التورط معها فى معاركها. واليابان بالذات ومنذ انتهاء الحرب العالمية الثانية (منذ سبعين عاما مضت) أثرت استعمال السياسة والاقتصاد فقط دون أى دور عسكرى للتواجد فى الساحة العالمية، فهل نشهد اليوم اليابان وهى تضع الخيارالعسكرى ضمن سياسة طوكيو حيال داعش وتنوى ان تشارك بفاعلية فى الحرب على الإرهاب فهل زيارة رئيس وزراء اليابان لدول المنطقة كانت بداية لهذا التحول؟

وكما يرى المحللون، هذا التحول ظهر طفيفا بعد انتهاء الحرب الباردة فى الثمانينات مما أثر على الروابط الاقتصادية الأمريكية اليابانية خصوصا مع دخول عوامل جديدة فى الأقتصاد العالمى وفهمت اليابان أنها لن تستطيع الاتكال على الولايات المتحدة لتحل لها مشاكلها العسكرية، وظهر ذلك جليا عام 1996 عندما خطفت جماعة يسارية فى بيرو مئات من المسئولين ورجال أعمال يابانيين فى مقر السفير اليابانى فى ليما، ففى ذلك الوقت لم تُظهر الولايات المتحدة آية استجابة للتدخل العسكرى فتركت اليابان المسئولية لرئيس بيرو ألبرتو فوجيمورى (وهو من أصل يابانى) لحل الأزمة وفى السنوات التالية ظهرت التهديدات النووية من كوريا الشمالية وكذلك النهضة الصينية القوية فى المجال العسكرى ــ جارتى اليابان.

وفى عام 2004 أرسلت طوكيو مساعدات لوجيستية للجيش العراقى حتى 2006 وفى 2010 أسست اليابان قاعدة بحرية فى جيبوتى لمحاربة القرصنة الصومالية فى خليج عدن وكانت هذه أول قاعدة خارج اليابان بعد الحرب العالمية الثانية.

هذه ليست المرة الأولى التى يُخطف فيها رهائن يابانيين، ففى عام 2004 تنظيم «سرايا المجاهدين» خطفوا ثلاثة متطوعين وفى عام 2007 جماعات إرهابية فى جنوب غرب إيران خطفت طالبا يابانيا، وفى 2013 عشرة عاملين يابانيين ماتوا فى أزمة رهائن فى الجزائر ولكن هذه الأزمات السابقة لم تهدد اليابان كأزمة مثل هذه الأزمة الأخيرة التى فيها داعش تهدد فيها اليابان تهديدا مباشرا.

سنرى فى الوقت الحاضر هل هذه الأزمة ستضطر اليابان إلى الدخول فى المعترك الحربى ويصبح إحدى أدوات السياسة الخارجية لليابان بعد أن امتنعت اليابان طويلا عن ذلك الخيار؟ هذا ما ستجيب عنه الأيام القادمة.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved