مصر ليست الفريق

حسن المستكاوي
حسن المستكاوي

آخر تحديث: الجمعة 25 مارس 2011 - 10:16 ص بتوقيت القاهرة

 سألنى: «هانعمل إيه يوم السبت»؟

قلت وبراءة الأطفال فى عينى: «هانعمل إيه فى إيه»؟

تعجب الرجل، وظن أنى أمزح، فذكرنى على استحياء بأن المنتخب سوف يلتقى فريق جنوب أفريقيا يوم السبت، وأن ذلك ما يسألنى عنه..

ياه.. أخيرا بدأ جمهور كرة القدم يسأل عن مباراة، ويبحث عن توقعات النقاد، فالأمر الصحى والطبيعى أن تتحدث الشعوب فى السياسة والرياضة والاقتصاد وفى قضايا الرأى العام، ولم يكن طبيعيا أن نختصر حياتنا فى لعبة.

 على أى حال قلنا كثيرا إننا لو كنا نعلم بالنتائج مسبقا لما حظيت كرة القدم بتلك الشعبية، فالشك فى نتائج مبارياتها هو ما أبقاها حية ومثيرة.. ولذلك عدت وأكدت للقارئ أنى لا أعرف. لكنها مباراة صعبة، خاصة أن المنتخب لم يلعب مباراة منذ فوزه ببطولة دول حوض النيل، التى نظمناها ظنا بأن ذلك سوف يجعل بوروندى لا توقع على الاتفاقية الإطارية، فإذا بها توقع عليها فور انتهاء الدورة.. وكان ذلك حين كان كثير مما هو جاد فى حياتنا لهوا، مخلوطا بالفهلوة،
والاستذكاء؟!

الإجابة بأنها مباراة صعبة، لم تعجب صاحب السؤال، لأنها ليست إجابة، فكل مصر تعرف أن كل مباراة صعبة، وأن كثيرا من مباريات فرقنا توصف بأنها مصيرية، ولو لم تكن كذلك، وكثير أيضا من تلك المباريات يكون مرورا من عنق زجاجة، حتى بدت كل مبارياتنا شديدة التعقيد، على الرغم من سهولة بعضها.. لكنها سياسة تحلية البضاعة أحيانا، والإيحاء بأن السهل صعب، حتى يكون للفوز قيمة، وعندما يحدث هذا، نفاجأ بأن السهل كان صعبا فعلا.

عندى إجابة واحدة أراها ضرورية: طوال 30 سنة مضت ظلت مشارعينا القومية بطولات ومباريات.. صحيح كانت هناك مشاريع لكنها لم تحظ باهتمام الشعب، ولم تكن أى منها معركته.. وكان المصريون يخرجون بالملايين إلى الشارع للاحتفال بفوز المنتخب أو بانتصار لأى فريق، لأنهم كانوا يصدقون لعبة الكرة فقط ولايرون غيرها، ولايريدون غيرها، فى ظل الاستبداد والتزوير والاستكراد.

الآن إن شاء الله لو فاز المنتخب الوطنى على جنوب أفريقيا، فإنى أتوسل إلى المسئولين عن الإذاعة والتليفزيون، والقنوات الفضائية، والبرامج الرياضية والإخبارية، لا تعزفوا لنا الأغانى الوطنية، فلا علاقة لمصر بنتيجة مباراة، فإذا كنا نغنى «المصريين أهمه» و«ماشربتش من نيلها»، يوم نفوز، فإن ذلك يعنى أن مصر هى المهزومة، يوم يخسر الفريق.

ممكن نفرح، ونخرج للشارع احتفالا بالفوز، لكن ادخروا الأغانى الوطنية للحرية والديمقراطية وللحروب التى نتتصر فيها، وللتحديات الخطيرة التى نواجهها.. مصر ليست فريقا.. مصر أكبر من ذلك ألف مرة.


أخشى من باب التغيير نكسب جنوب أفريقيا.. وتذاع فور انتهاء المباراة أغنية «طلعت يامحلى نورها»





هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved