«حلاوة روح».. مقدمةٌ ونتيجة

نادر بكار
نادر بكار

آخر تحديث: الجمعة 25 أبريل 2014 - 6:15 ص بتوقيت القاهرة

لم تهدأ بعدُ زوابع الانتقاد وردود الفعل بين مؤيد لمنع الفيلم ومعارض حتى يمكننا الحديث عن الأزمة بهدوء، إنما ما يتسنى لى قوله الآن بشكل عابر هو أن فيلم «حلاوة روح» يمثل مقدمة ونتيجة فى الوقت ذاته، وليس هذا الفيلم وحده، وإنما موجة عاتية من أفلام ومسلسلات تلفزيونية تحمل نفس الطابع، بعضها سبق عرضه والباقى تبشرنا صفحات الجرائد بقرب قدومه.

أما كون هذه الموجة من الأفلام تمثل نتيجة؛ فأمر يمكن الاستدلال عليه بمجرد المطالعة المتفحصة لحال المجتمع المصرى فى آخر عشر سنوات... لست من دعاة التهويل ولا التهوين، لكن يمكننى القول بشىء من التعميم أننا نعانى من (بنية تحتية مجتمعية ) منهارة أو موشكة على الانهيار، مظاهرها أسر مففكة، أطفال شوارع، بلطجة، تحرش، اغتصاب، زنا محارم، وغيرها.

هذه (البنية التحتية المجتمعية المتصدعة) إما أنها هى من أفرزت «حلاوة روح» أو أن الفيلم نفسه وأشباهه أحد مظاهرها وتجلياتها، وفى الحالتين سيلزمنا تفكيك المشهد المأساوى المعقد إلى عناصر أبسط يسهل دراستها قبل الحديث عن علاجها وإزالة آثارها.. ساعتها سيطرح السؤال نفسه حتى ولو اعتبره البعض (جدليا) : بافتراض البدء فى إصلاح البنية التحتية المجتمعية هل يعنى ذلك بالضرورة انحسار هذا المد من الأفلام؟

وهذا ما يقودنا إلى (المقدمة)... فثمة ارتياب عندى من حديث البعض عن رفضه الإيقاف من حيث المبدأ ذاته، نعم لم يجسر أحد من المبرزين فى إعلام أو فن على تأييد الفيلم تأييدا مطلقا ــ ولا أتعرض هنا للمستوى الفنى ــ بل الكل ــ فى حدود ما أعلم ــ أظهروا استياء أو تحفظا متفاوتا بشأن قصته وتفاصيله ثم يأتى الاستدراك بالرفض التام لإيقافه من باب (سد الذرائع) أمام من يريد تكميم الأفواه أو تقييد الإبداع.

طالعت طرفا من المقابلات التلفزيونية مع الطفل بطل الفيلم، فكان من جملة ما استرعى انتباهى أن المسكين الذى لُقن حجته قبل الظهور على الشاشات، يردد غير مدرك بالطبع الجملة الشهيرة: (هذا واقع موجود ونحن فقط نقلناه) لكنه تصرف فيها قليلا بغض النظر عن تعمده من عدمه لتصبح (الفيلم ترسيخ لواقع موجود بالفعل)! وهل المطلوب أن يرسخ الواقع ُالسيئ؟

الفيلم من هذا المنظور (مقدمة) إذن.. مقدمة لسلسلة من الأعمال الفنية ترتفع فيها وتيرة المصادمة أكثر وأكثر، مقدمة تشجع كل متردد على الإقدام والولوغ أكثر وأكثر، مقدمة تبرر الانحلال الأخلاقى وتوجد له مكانا.. والأدهى من ذلك والأمر أنها مقدمة لانحراف جيل كامل يمثله الآن طفل فى الثالثة عشرة من عمره، ولهذا تعلق بالتنمية المستدامة فى حق الإنسان المصرى.. لكنها تحتاج بسطا لا يتسع المقام الآن لذكره.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved