مقولة طلب التدخل الخارجى الفاسدة

عمرو حمزاوي
عمرو حمزاوي

آخر تحديث: الثلاثاء 25 أغسطس 2015 - 7:00 ص بتوقيت القاهرة

عندما أسجل أن حكومات الغرب الأمريكى والأوروبى تتعامل بمعايير مزدوجة مع قضايا حقوق الإنسان والحريات فى مصر وكونها تقدم مصالحها الأمنية والعسكرية والاقتصادية والتجارية على أحاديث الديمقراطية، فإننى أقرر واقعا ليس بالجديد ولم يبدأ خلال العامين الماضيين وتخبرنا حسابات السياسة الواقعية أن مآله الاستمرار. فقط، أحاول تمكين الحركة الديمقراطية المصرية من تجاوز أوهام انتظار «تحولات جذرية» فى سياسات الحكومات الغربية، ومن إدراك أن النضال السلمى من أجل الديمقراطية والحقوق والحريات هو أمر داخلى وشأن مجتمعى وقضية اختيار شعبى للمصريات والمصريين لن يحسمه غيرهم ولن تحدد فرصه الراهنة والمستقبلية سوى تفضيلاتهم هم.

إلا إننى أسعى أيضا عبر تسجيل ازدواجية معايير الغرب إلى تخليص الحركة الديمقراطية المصرية من مقولتين فاسدتين كثيرا ما يوظفهما زيفا خدمة السلطان والمكارثيون فى الهجوم على المدافعين عن الحقوق والحريات وفى تجريدهما الظالم من كل قيمة أخلاقية وإنسانية ووطنية.

تدعى المقولة الأولى أن الحركة الديمقراطية المصرية ترغب فى استدعاء القوى الدولية للتدخل فى شئوننا وترى فى الحكومات الغربية النصير الوحيد لمطالبتها بوقف المظالم والانتهاكات. والحقيقة هى أن المدافعين عن الحقوق والحريات يرفضون على نحو مبدئى التدخل الخارجى فى الشأن المصرى، ويفهمون على نحو قاطع التقاء أهداف التحول الديمقراطى وتداول السلطة وسيادة القانون والتنمية المستدامة مع هدف الاستقلال الوطنى والحفاظ على كيان الدولة الوطنية التى يرهقها الظلم وغياب العدل وشيوع الخوف والفساد، ويدركون على نحو عقلانى ورشيد تهافت أحاديث الحكومات الغربية عن الديمقراطية وارتباط أولوياتهم الحقيقية بالمصالح الأمنية والعسكرية والاقتصادية والتجارية ومن ثم بالحرب على الإرهاب وبمكافحة الهجرة غير الشرعية وبالاستثمارات وموزاين الصادرات (المتضخمة) والواردات (المتراجعة). يخلص تقرير ازدواجية معايير الحكومات الغربية الحركة الديمقراطية المصرية من الاتهامات الزائفة التى تلقى باتجاهها من قبل خدمة السلطان والمكارثيين وليس أبدا العكس، ويساعدها على استعادة قدر من الثقة الشعبية التى اهتزت بغعل الترويج المنتظم لإفك العمالة والخيانة وبفعل تقلبات السنوات الماضية.

أما المقولة الثانية فتذهب زيفا باتجاه ادعاء عدم حرص الحركة الديمقراطية المصرية على كيان الدولة الوطنية، وخلطها الخطير بين نظام الحكم وبين مؤسسات وأجهزة الدولة، واستخفافها بمقتضيات الدفاع عن الاستقلال الوطنى. والحقيقة، وعلى النقيض من ذلك تماما، هى أن المدافعين عن الحقوق والحريات يحفزهم الحرص على كيان الدولة الوطنية للمطالبة بإيقاف المظالم والانتهاكات واستعادة مسار تحول ديمقراطى والانتصار لكرامة المواطن ﻷن الدولة الوطنية لن تستقر إلا بالعدل وسلم المجتمع واستعادة ثقة المواطن فى جدوى مشاركته فى الشأن العام دون خوف أو قمع أو تهديد بعقاب حال التعبير الحر والسلمى عن الرأى. هنا لا تخلط الحركةالديمقراطية بين مواجهة السلطوية الجديدة وحكمها وبين مؤسسات وأجهزة الدولة الوطنية المراد الإبقاء عليها وتمكينها من التماسك والفاعلية والحيوية عبر تخليصها من استمرار التورط فى مظالم وانتهاكات وتحفيزها على قبول حقوق الإنسان وسيادة القانون وتداول السلطة لأن البديل على المدى المتوسط والطويل هو أزمات متصاعدة وإقناعها بأولوية مبادئ العدالة الانتقالية والمشاركة الشعبية على القمع والإفلات من المساءلة والمحاسبة لجهة الحفاظ على كيان الدولة الوطنية. تقرير ازدواجية معايير الحكومات الغربية والتخلص من أوهام انتظار تحولات سياسات الغرب والتأكيد على رفض تدخله فى الشئون المصرية جميعها عناصر تصب فى ذات اتجاه الحرص على كيان الدولة الوطنية التى لا استقرار لها دون سلم المجتمع وحرية المواطن.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved