مَنْ وضع شفيق وعكاشة وأبوالفتوح والبشرى معًا؟

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين

آخر تحديث: الأحد 25 نوفمبر 2012 - 7:55 ص بتوقيت القاهرة

عندما يقول الفقيه القانونى الكبير طارق البشرى إن الإعلان الدستورى الذى أصدره الرئيس محمد مرسى منعدم وانقلاب على الشرعية وعندما ينتقد القيادى الإسلامى الكبير عبدالمنعم أبوالفتوح الإعلان نفسه، فماذا يمكن أن نتوقع أن يقول أحمد شفيق أو أحمد الزند أو توفيق عكاشة؟!.

 

كان فى إمكان مرسى أن يتحول إلى بطل شعبى كبير إذا اكتفى بإقالة النائب العام وأعاد محاكمة قتلة الثوار ومنح التعويضات للمصابين وأهالى الشهداء.

 

الذى حدث أن قرارات مرسى قسمت مصر بكاملها إلى قسمين عميقين يصعب وصلهما ما لم تحدث معجزة.

 

لا أعرف من هم المستشارون الذين شاورهم مرسى فى القرارات قبل إصدارها، وعلى أى أساس تم اتخاذ هذه القرارات.

 

لا أتحدث هنا عن مدى صحة قرارات الرئيس من عدمها، وهل هى قانونية أم لا، وهل من حقه أن يصدر إعلانات دستورية أم لا، ولا أجادل فى مسائل عامة ومطاطة من قبيل حماية الثورة ومكاسبها.

 

أتحدث فقط عن المواءمة السياسية وضرورة خضوع هذه القرارات للدراسة المتأنية قبل صدورها، وهل ستحوز موافقة التيارات الفاعلة فى المجتمع أم لا.

 

أحاول أن أضع نفسى مكان مرسى وكبار مساعديه ومستشاريه قبل إصدار القرارات.

 

الطبيعى أن الرئيس فى البداية سأل أركان حزبه الحرية والعدالة فزينوا له هذا العمل وربما هم من اقترحوا هذة القرارات وقالوا له: «نحن معك وخلفك»، وقد يكون استشار بعض قادة التيار السلفى ففعلوا الأمر ذاته وأكثر.

 

بعد هذه الموافقة أتخيل أن الرئيس شاور قادة الجيش، وربما سمع منهم عبارة «نحن مع الشرعية»، بعدها استدار الرئيس وسأل قادة الشرطة عن قدرتهم على تأمين الأوضاع فى حالة اندلاع احتجاجات عنيفة فقالوا «سمعا وطاعة» لأن النتيجة الختامية انهم سيكونون فى مركب واحد مع الرئيس.

 

والطبيعى أن الرئيس سأل بعض مستشاريه عن توقعاتهم لحجم الاحتجاجات فسمع منهم تقديرات تقول: لا تقلق فلن يزيد عددهم فى أقصى تقدير عن عشرين أو ثلاثين ألفا، وربما سمع منهم أن بعضهم ممول من الخليج أو حتى المحيط.

 

وبعد أن سمعنا هتافات «أفرم.. أفرم يا مرسى» يوم الجمعة نستطيع أن نخمن حجم التحقير الذى ينظر به بعض أعضاء التيار الإسلامى لشركائهم فى الثورة.

 

مثل هذا الهتاف قاله بالضبط بعض المهووسين لأنور السادات فى السبعينيات والنتيجة أن الحاكم مات مقتولا لكن المعارضة ظلت مستمرة.

 

ونفس المطالب سمعها مبارك من مستشارى السوء وكلنا يعرف نهايته.

 

إذن ألا يتعظ الناس، هل تسكرهم السلطة بهذه السرعة وينسون كل شىء، أم أن التيار الإسلامى عديم خبرة بالعملية السياسية.

 

دعونا لا نستغرق فى النقد والنقد المضاد، ودعونا لا ننجرف إلى السباب والشتائم، ودعونا نركز على طريقة نخرج بها من هذه الأزمة المستحكمة.

 

الرئيس مرسى ارتكب خطأ سياسيا قاتلا حينما خاطب أنصار حزبه وجماعته فقط من أمام قصر الاتحادية وكان بإمكانه أن يخاطب كل المصريين، وحتى مضمون حديثه جاء عاما وليس مطمئنا.

 

هو الذى اوقع نفسه فى هذه المصيدة اللعينة، ومثلما كان شجاعا وتراجع عن قرارى إعادة مجلس الشعب وعزل النائب العام، يستطيع أن يكون شجاعا للمرة الثالثة ويعدل هذا الإعلان الدستورى.

 

أقترح على الرئيس مرسى أن يلغى السلطات الإلهية التى أعطاها لنفسه ويكتفى بإعادة محاكمة قتلة الثوار وعزل النائب العام وتعويضات الثوار على أن يعطى المجلس الأعلى للقضاء حق اختيار النائب الجديد.

 

وعلى القوى المعارضة أن تطلب محاورة الرئيس لإقناعه أن البلد «رايحة فى ستين داهية» إذا استمر هذا العناد الذى كنا نظن أنه صفة لصيقة بحسنى مبارك فقط.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved