خريف.. أنظمة عربية

حسن المستكاوي
حسن المستكاوي

آخر تحديث: السبت 26 فبراير 2011 - 10:23 ص بتوقيت القاهرة

 ●● الذين قرأوا رواية «خريف البطريرك» للكاتب الكولومبى الشهير الحائز على جائزة نوبل للأداب جابريل جارسيا ماركيز، سوف يشعرون الآن وهم يتابعون سقوط أحجار الدومينو العربية، كما لو أن هذا الأديب الرائع كان يصيغ روايته وهو يتنبأ بما سيجرى فى العالم العربى... لكنه فى الواقع كان يرصد مستقبل أمريكا اللاتينية ويتوقع تحررها من ديكتاتوريات طبعت على قلوب شعوبها سنوات..

الرواية تدور عن ديكتاتور يعلن الحرب على كل منافسيه، من الأطفال إلى الكرسى البابوى فى روما.. ويهتف وهو فى ذروة خريفه: «عاش أنا.. يموت ضحاياه». لكنه فى النهاية يجد نفسه وجها لوجه مع الموت، وينتهى زمن الأبديّة الذى كان يظنه ويراه.

●● الوطن العربى يعيش فى تلك الأيام زمن ثورة الشباب.. إنهم الوقود فى مصر وتونس وليبيا واليمن والعراق، وفى تقرير مطول نشرته مجلة الإيكومنيست عن الثورة العربية، تحت عنوان «الصحوة».. جاء أن 52% فى مصر تحت سن الخامسة والعشرين، وأن متوسط الخريطة السكانية فى العالم العربى 45% تحت الخامسة والعشرين، وهم فى ليبيا مثلا 47% من السكان، وفى اليمن 65%.. وهذا له دلالة مهمة. فالأجيال التى عاشت فى ظلال تلك الأنظمة العربية سنوات طويلة، لم تكن متصلة بالعالم.. كانت أسيرة ومغيبة عن كوكبها وظلت مستكينة، ومستسلمة، وراضية بخطابات المن، والفتات الذى يلقى إليها من أموالها ومن حقوقها.

●● هذا الشباب المستيقظ من الماء إلى الماء وجد فى الثورتين المصرية والتونسية نموذجا، وسوف يرى هذا الشباب فى الثورة الليبية كيف يمكن أن تنتصر الشجاعة على نيران نيرون، وعلى الاستبداد والطغيان وأسلحة المرتزقة.. لقد كانت احتفالات النصر فى بنى غازى رائعة، لم يلتفت مواطن واحد من مئات الألوف الذين يهتفون لليبيا الجديدة، لم يلتفت إلى رفع الرواتب، أو إلى الهبات والعطايا الحكومية.. الشعوب العربية بشبابها أخذت تردد: «نعم نستطيع».. نعم يمكننا التخلص من أنظمة امتلكت أوطاننا وثرواتنا وخيراتنا وحريتنا.. نحن الآن نشهد خريف الكثير من الأنظمة العربية.. وأجمل ما فى تلك الثورات أنها أطلقت الطاقات الإيجابية عند شباب الوطن العربى الذى بدأ يتحدث عن الوحدة السياسية أو الاقتصادية.. ولعل الأجيال القادمة تحتفل يوما بمولد الولايات العربية المتحدة.. وأسأل الله ألا يطول حلمهم 60 عاما كما طال انتظارنا لنسيم الحرية، والعدل والديمقراطية والانتخابات الحرة النزيهة.. كم هو جميل أن تختار الشعوب بإرادتها من يمثلها؟

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved