الخطأ القاتل لجبهة الإنقاذ

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين

آخر تحديث: الأحد 26 مايو 2013 - 8:00 ص بتوقيت القاهرة

إذا صح أن جماعة الإخوان تفكر وتعمل على تأجيل الانتخابات النيابية المقبلة وترحلها إلى العام المقبل بدلا من اجرائها بعد اربعة شهور، فمعنى ذلك أن المعارضة السياسية والممثلة أساسا فى جبهة الإنقاذ مصابة بعمى أو حول سياسى مزمن، وتحتاج إلى الذهاب إلى جراح عيون ماهر، أو ربما إلى مستشفى عالمى للتأكد من سلامة سائر وظائفها الحيوية خصوصا المخ.

 

الكلام عن تأجيل الانتخابات كان يتردد فى أروقة كثيرة، لكن أوضح علامة عليه جاءت فى تصريحات الدكتور جمال جبريل المستشار القانونى للرئيس محمد مرسى لصحيفة الوطن قبل يومين.

 

المعارضة تقول ان السبب الرئيسى لمقاطعة الانتخابات هو أنها تخشى غياب ضمانات النزاهة، لكن هناك سببا فى العقل الباطن يتمثل فى خوفها من الهزيمة، الأمر الذى سيكرس فى هذه الحالة شرعية الرئيس محمد مرسى وجماعة الإخوان.

 

بالطبع سوف تنفى جبهة الإنقاذ هذا السبب، وتركز على غموض قانون الانتخابات وممارسة الحقوق السياسية، وهى محقة فيه إلى حد كبير.

 

الحول السياسى الذى أصاب غالبية قوى المعارضة هو الذى يمنعها من رؤية الأزمة التى تعيشها جماعة الإخوان المسلمين فى الشارع المصرى خصوصا فى القاهرة الكبرى ومدن المحافظات.

 

الجماعة باختصار وبموضوعية ورثت تركة ثقيلة للغاية، وبلدا شبه محطم بسبب سياسات مبارك، لكن المشكلة أن الجماعة بلا خبرة أو تجربة أو كفاءة لتبدأ فى الإصلاح والأخطر أنها تعتقد أنها قادرة على العمل وحدها، ولا تستمع لمن ينصحها.

 

لدينا أزمة اقتصادية خانقة بلا أفق للحل، وأزمة غياب الاستقرار الأمنى، والانفلات فى جميع مناحى الحياة، والأخطر غياب التوافق الوطنى الكفيل بمعالجة هذه الازمات بموضوعية.

 

 أيضا فإن الإخوان تسلموا البلد وحكموه فى اسوأ توقيت سياسى ممكن، وبالتالى، فقد كانت أمام المعارضة فرصة لا تعوض للإصرار على الذهاب إلى الانتخابات والقتال من أجل توفير أفضل الضمانات الممكنة لنزاهتها.

 

بالطبع يمكن تفهم وجهة نظر بعض غلاة المعارضة فى جبهة الإنقاذ بشأن المقاطعة، وأن الإخوان ربما يؤمنون بالديمقراطية ونزاهة الانتخابات لمرة واحدة هى تلك التى توصلهم إلى السلطة.

 

لكن هؤلاء ينسون أن الإخوان أنفسهم كانوا الأشد معارضة لنظام مبارك وعانوا كثيرا، ورغم ذلك شاركوا فى كل الانتخابات.

 

فى السياسة لا يوجد خيار مثالى جدا وخيار سيئ جدا، لكن هناك توليفات وموازنات ومواءمات وتفضيلات بين اسوأ الموجود، وبالتالى تحتاج جبهة الإنقاذ إلى اتخاذ قرار جرىء، وهو الإعلان أنها ستشارك فى الانتخابات، وتبدأ فورا النزول إلى الشارع والاحتكاك بالناس وبمشكلاتهم، ولا مانع من استمرارها فى الاحتجاجات السلمية.

 

البسطاء يحتاجون فقط لمن يقول لهم: «أنا متواجد معكم وأتفهم مشاكلكم، وسوف أسعى لحلها».

 

لكن المعضلة التى لا يريد بعض قادة الإنقاذ أن يفهموها هى أن جماعة الاخوان ــ ورغم كل المشكلات الاقتصادية والاجتماعية وسوء أداء حكومتها ــ ستحصد غالبية المقاعد لأنه لا توجد معارضة ليبرالية تفنع انصارها بالذهاب الى الصناديق فى حين ان انصار الجماعة ملتزمون بالذهاب إلى الصناديق، وحتى إذا فقدت الجماعة بعض المقاعد فإنها سوف تذهب إلى السلفيين وليس إلى الإنقاذيين.

 

 السؤال الآن: هل تعترف المعارضة بالخطأ وتبدأ فى اصلاحه؟.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved