انشغلوا بحكومة قنديل

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين

آخر تحديث: الخميس 26 يوليه 2012 - 8:00 ص بتوقيت القاهرة

ما رأيكم وبدلا من الانشغال برياضة المصارعة السياسية والسؤال عن أيهما أفضل: ثورة يوليو أم ثورة يناير، أو من كان على  حق: عبدالناصر أم الإخوان، تعالوا ننشغل بأسئلة المستقبل خصوصا القريبة منها والعاجلة ونسأل: ماذا ستفعل حكومة هشام قنديل وإدارة الرئيس محمد مرسى فى الملفات الصعبة التى ستواجهها؟!.

 

لو كنت مكان محمد مرسى ما زل لسانى فى ميدان التحرير متهكما بالقول «الستينيات وما أدراك ما الستينيات»، ولو كنت مكان الإخوان ما دخلت فى جدل عقيم حول ملفات الماضى.

 

الإخوان صاروا الآن فى الحكم ،كسبوا غالبية البرلمان، وحصدوا المنصب الأرفع فى مصر وهو رئيس الجمهورية، النضج السياسى كان يحتم عليهما الترفع عن مثل هذه السلوكيات الصبيانية التى تليق بفصيل سياسى ضئيل وصغير.

 

المنطقى أن يحاولوا احتواء كل القوى السياسية والشعبية بما فيها قوى اليسار بكل تياراتها ومنها الناصريون.

 

وبما أن النضج السياسى غاية لا ترتجى الآن فى مصر فدعونا نحاول النظر للأمام ونسأل: كيف سيعبر هشام قنديل المطبات الصعبة التى تنتظره فى مسيرته السياسية التى لم يتوقع أحد أن تصل إلى هذه المحطة الرفيعة.

 

هناك ملف التعليم المتخلف والمأساوى وهو ملف يغرق فيه «العنتيل».

 

وهناك ملف الصحة المتردية والمتراجعة وهو ملف يموت فيه من لديه أفضل صحة.

 

بدء إصلاح هذين الملفين فقط يحتاجان ــ غير الإرادة والنوايا الطيبة والاستعداد والتأهيل ــ مليارات ضخمة من الجنيهات، للأسف غير متوافرة فى خزينة الدولة وقد لا تتوافر بسهولة فى المدى المنظور.

 

من الظلم أن نحاسب الدكتور قنديل والرئيس مرسى على هذين الملفين وفسادهما منذ عشرات السنين. المنطقى أن نصبر عليهما قليلا وكل ما نتمناه منهما أن يضعا مصر على بداية طريق صحيح فربما قد نتمكن من السير على هذا الطريق.

 

لكن علينا أن نسأل: كيف سيتجاوز مرسى وقنديل الملفات الآنية الشائكة خصوصا القضايا المعيشية واستعادة الاستقرار الأمنى؟!.

 

لا أحد يتخيل أن يكون مرسى مالكا لعصا موسى يضرب بها أزمات الاقتصاد فتنفرج أو بلطجة الشارع فيستقر، والمؤكد أن الرجلين سيحتاجان وقتا كى نحكم عليهما على الأقل فترة المائة يوم الأولى التى مر منها الآن ثلاثة أسابيع، ولا نعرف المدى الزمنى الذى سيحتاجه قنديل كى يشكل وزارته وهل يكون تشكيلا سريعا وجاهزا الآن أم يتأنى كى يختار تشكيلا متناسقا يعلنه بعد عيد الفطر؟!.

 

لا يوجد المتسع من الوقت أمام مرسى وقنديل خصوصا فى ملف ضبط الفوضى الرهيبة فى الشارع وإعادة جزء من هيبة الدولة، وهو ملف يحتاج إلى إجابة شافية عن كيفية التعاون بين إدارة مرسى ووزارة الداخلية بغض النظر عن الشخص الذى سيتولى إدارتها مستقبلا، هذا السؤال يتعلق أساسا بكيفية الصيغة التى سيصل إليها الطرفان للعمل معا فى المستقبل.

 

إذا نجح مرسى وقنديل فى استعادة الأمن والاستقرار إلى الشارع فسيكون ذلك بداية جيدة للغاية للسير فى حل بقية الملفات الصعبة.

 

من المهم طبعا أن نعرف كيف يفكر قنديل وما هى خلفياته السياسية والفكرية وعلاقاته المحلية والإقليمية والدولية، لكن من قبيل السذاجة والظلم معا أن يتم الحكم على الرجل حكما قاطعا بأنه إخوانى لمجرد أنه أطلق لحيته، أو أمريكانى لمجرد أنه درس فى جامعة أمريكية أو عمل فى مؤسسة دولية.

 

الحكم المنطقى والموضوعى على الرجل أن ننتظر قليلا لنعرف طبيعة تشكيله حكومته ثم نرى أفعاله على الأرض.

 

الأفعال لا الأقوال.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved