أموال وآمال الأرض ب ــ سكنا وعملا

جمال قطب
جمال قطب

آخر تحديث: الجمعة 26 سبتمبر 2014 - 7:20 ص بتوقيت القاهرة

نحاول إتمام ما بدأناه، فالفكرة التى طرحناها فى الأسبوع الماضى وزعمنا- عدم تكليفها لموازنة الدولة شيئا يُذكر ــ ما زال لها فوائد أكثر من مجرد السكن والعمل وهذه الفوائد التى تعرضها اليوم هى عوائد مضمونة تضاف إلى رصيد الدولة من ناحية لاشك فيها، فتحويل 3% من رقعة الأرض من بوار وإهمال إلى عمل وإعمار هو رصيد دائم للدولة ومتسع كبير للمواطنين يقطع حجة الكسالى والمتزعمين بالباطل ــ فلشديد الأسف ــ قد أطلعتنا ثورتنا على عورات جميع النخب ــ دون استثناء ــ عورات عجز وجهل وفقدان رؤية وعدم إحساس بهذا التراكم الشديد للأزمات، التى تتحول لأكثر من سبب من أزمات إلى كوارث ثم إلى دمار يتخذ «سيناريوهات» فوق طاقة العقول والمؤسسات التنبؤ بعواقبها.

أول ما تكسبه الدولة من هذه الخطوة الجريئة هو خلخلة الزحام القاتل المرهق للناس وللدولة، وتمكين المواطن من سكن وسكينة يسترد فيها إنسانيته، ويتحقق فيها من وجود الدولة وضرورتها واضطلاعها بوظائفها، وذلك فى حد ذاته مكسب كبير يطارد هواجس شياطين الجن والإنس، التى تفتح أبواب الفتن وعدم الاستقرار بحثا عن زعامة أكثر مما تبحث عن التجديد والإعمار.

وثانى ما تكسبه الدولة بيسر واقتدار تمكن الأمن من ممارسة مهام وظيفته بيسر واقتدار فى آن واحد فالمدن الحالية وما حولها من عشوائيات سوف ينتظم الأمن حيث تم خلخلة الزحام ونقله إلى المجتمعات الجديدة المنشأة على تخطيط سليم يوفر أيضا الكثير من طاقات الأمن الداخلى والخارجى فى تلك المجتمعات الجديدة.

وثالث ما تكسبه الدولة فور بدأ العمل هو إخلاء ذمة الدولة من مسئولية تدبير وسائل المواصلات والنقل اليومية بداية من المسئولية عن مليون شخص تتصاعد خلال العامين إلى إبراء ذمة الدولة من نقل وتوصيل قرابة 5 ملايين مواطن كل يوم ذهابا للعمل وعودة منه.

ولو لم يكن فى هذا الشأن سوى حل ملحوظ لأزمات المواصلات (زحام ــ ضيق طرق ــ وميزانيات ووقود ومحروقات) وما يترتب على كل ذلك من وقاية وعلاج للبشر، وصيانة وتجديد لوسائل التنقل لكان ذلك وحده دافعا أكبر للدولة لسرعة الإقدام على هذه الخطوة المنتظرة.

إن هذه المجتمعات الجديدة بحكم تكونها وبحكم ملكية وسيطرة الدولة عليها هى مجتمعات ــ إن شاء الله ــ واعدة حضاريا فى كل ما يجب أن تلتزم به وتتحلى به من حياة صحية نظيفة ترفع عن المواطن والدولة أعباء تزايد الأمراض وتكاليف علاجها نظرا لأن السكن الصحيح والتغذية الصحية يؤديان إلى وقاية عالية الجودة يمكن تحقيقها فى تلك المجتمعات الجديدة.

كذلك إقامة المجتمعات الزراعية طبقا لسياسة زراعية راشدة سواء فى استعمال مياه الرى أو فى تكلفة الإنتاج يؤدى إلى نتائج اقتصادية كبرى مثل رخص غذاء سكان تلك المجتمعات المساهمة فى الكفاية الذاتية من ضرورات الطعام للشعب كله، وفوق ذلك فإن تلك السياسة تتيح تصديرا متميزا لما يتبقى ــ وهو كثير ــ يمكن أن يدر دخلا مع إمكانية التنافس مع البلاد الأخرى.

وكل ذلك وأكثر منه لا يستهلك من مياه الرى إلا 10% ما يستهلكه الإنتاج الزراعى الآن فى بلادنا.

فى المجتمعات الزراعية أو الصناعية المستجدة سيبدأ بعثا جديدا للحرف البدائية التى كانت منتشرة سواء كانت فى الأرياف أو الضواحى على فضلات الإنتاج الزراعى والصناعى، ومثال ذلك فى المجتمعات الزراعية تنمو مشروعات تربية الأنعام والأغنام والدواجن كما تنمو مهمة عوائد النخل من (بلح ــ جريد ــ ليف ــ إلخ) وكذلك الأشجار المنتجة للخشب وكل تلك الصناعات من اليسير تطويرها وتحديثها وتصديرها وفضلا عن صناعات التعليب الغذائى سواء لسكان الوادى أو للدول الأخرى.

فى المجتمعات الصناعية ستوجد حرف مصرية أصيلة طال إهمالها ويمكن الاستفادة منها والمنافسة بها عالميا مثل حرف (الأرابيسك/ والمشغولات النحاسية/ الملابس والمفروشات/ ومستلزمات الديكور وغيرها)، وكل تلك الحرف اليدوية ستصبح هوايات وعملا إضافيا سواء لربات البيوت أو للتلاميذ فى أوقات الفراغ أوعملا إضافيا للجميع.. فهناك تجارب ثبتت نجاحاتها وحققت نجاحات دون دعم يذكر من الحكومة المركزية والمحليات فما بالنا إذا قامت الدولة برعاية تلك التجارب وتنظيم جهودها «وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ».

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved