حوار مع ناخب مسن داخل لجنة جاردن سيتى

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين

آخر تحديث: الثلاثاء 27 مارس 2018 - 10:50 م بتوقيت القاهرة

صباح أمس ذهبت إلى مدرسة جاردن سيتى الرسمية للغات القريبة من قصر العينى بوسط البلد للإدلاء بصوتى.

النظام كان جيدا، وقوات الأمن والجيش تحرس مقر اللجنة. كان هناك موظفون يرشدونك إلى رقمك فى الكشوف الانتخابية، ورقم اللجنة الفرعية،. ولأننى كنت أعرف هذه البيانات قبل ذهابى، بفضل الطريقة السهلة للوصول إلى ذلك عبر إدخال الرقم القومى على موقع الهيئة الوطنية للانتخابات، فقد كان الأمر شديد السهولة.
الإقبال كان متوسطا أو معقولا، لكن ذلك لم يكن مؤشرا نهائيا، بالنظر إلى أننى ذهبت إلى اللجنة فى العاشرة والنصف صباحا، وهو موعد طبقا لما فهمته لا يشهد إقبالا كثيفا، بسبب وجود غالبية الناخبين فى أعمالهم أو بيوتهم.

عندما سألت قيل لى إن اليوم الأول شهد إقبالا فوق المتوسط. ولاحظوا أننى أتحدث عن لجنة واحدة فرعية فى محافظة القاهرة، وليست لجنة رئيسية أو عامة، وبالتالى يصعب الجزم بمؤشرات.

عرفت أيضا أن بعض اللجان كان الإقبال فيها أكبر، حيث صوت أكثر من ١٥ إلى ١٨٪ من إجمالى عدد الناخبين فيها، وتقدير رؤسائها أنه إذا استمر التصويت بنفس المعدل فى اليومين الباقيين، فإن نسبة المشاركة سترتفع بصورة واضحة، لكن كل ذلك يظل بطبيعة الحال تخمينا أو تكهنا أو توقعا.

أحد الناخبين، عرف أننى صحفى وجاء ليسألنى: لماذا تسخرون منا لأننا قررنا التصويت، فى حين تعطون لأنفسكم الحق فى المقاطعة والترويج لها؟!.

قلت له: أولا أنا لا أسخر منك، أو من غيرك، ثانيا أنا معك فى اللجنة لأقوم بواجبى فى التصويت. عاد ليسألنى: أنا أقصد بعض الصحفيين والمثقفين والسياسيين.

قلت له: طبعا لا أجيب عن سؤال يخص غيرى، لكن أتفق معك فى أنه لا يجوز السخرية من أى مواطن، قرر أن يذهب إلى لجان التصويت ليمارس حقا كفله له القانون والدستور، بل أن القانون يعاقبه بالغرامة إذا تخلف عن أداء هذا الواجب أو الحق، مادام لا يملك عذرا مقنعا.

عاد الرجل ليسألنى: ولماذا يسخر بعضكم من أننا كبار فى السن.. أليس من حقنا التصويت، وهل كبر السن سبة أو عيب؟. أليس هناك احتمال أن نكون أكثر خبرة، وربما نرى الصورة أوضح من الشباب صغير السن؟! أجبت الرجل: لا يحق لأحد أن يسخر من أحد سواء كان كبيرا فى السن أو رجلا أو امرأة.

الرجل له حق، لأن هناك نغمة تسخر بطريقة فجة من كثرة كبار السن والسيدات بين الناخبين.

قولا واضحا: التصويت حق وواجب على كل مواطن. يصوت لهذا أو لذاك، أو يبطل صوته.

لكن التفكير بالطريقة الاستقطابية أى الحصول على كل شىء أو لا شىء لم ينفعنا بشىء، وأغلب الظن أنه لن ينفعنا.

رأيى الواضح الذى كتبته قبل ذلك، أن المقاطعة فى مصر لا تفيد، لسبب جوهرى هو أنه لا توجد قوى سياسية منظمة ومؤثرة تستطيع توجيه الناس للمشاركة أو المقاطعة.

لو أن هناك هذه القوى أو الجماعات فكان ينبغى عليها أولا أن ترشح شخصا ليفوز أو لينافس. سيقول البعض: لكن الحكومة تحاصر الأحزاب ومنعت البعض من الترشح.

فى هذه الحالة كان يمكن للمقاطعين حشد الناس للمشاركة والتصويت مثلا للمرشح المنافس للرئيس السيسى، أو الطلب من الناخبين إبطال أصواتهم، ووقتها يمكنهم القول إن نسبة الأصوات الباطلة كبيرة!!.

هل معنى ذلك أن العملية الانتخابية الحالية مثالية؟!.

لم أقل ذلك، ولا أجرؤ، وكتبت بوضوح أكثر من مقال فى هذا المكان قلت فيه إنها تفتقد للمنافسة تماما، والطريقة التى تمت بها أساءت للنظام السياسى أكثر مما أفادته، وأن المعارضة فشلت أيضا فى الاستعداد لها من البداية، وتتحجج بأن الحكومة تحاصرها ولا تسمح لها بالحركة أو حتى التنفس.

نتمنى أن نجد طريقا نخرج به من هذه الشرنقة، ولابد من التفكير فى الإصلاح السياسى بأى شكل من الأشكال بحيث يمكن إشراك أكبر قدر من المواطنين فى العملية السياسية، ليس فقط لكى نقضى على العنف والإرهاب والتطرف، ولكن أيضا لإنجاح برنامج الإصلاح الاقتصادى، والبدء فى مواجهة أصعب مشكلة تواجه مصر وهى إصلاح التعليم.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved