الهجرة.. حسن اختيار

جمال قطب
جمال قطب

آخر تحديث: الخميس 27 سبتمبر 2018 - 10:10 م بتوقيت القاهرة

ليست الهجرة رغبة طارئة، ولا شعور طارئ يسيطر على الشخص، بل الهجرة أولا حسن اختيار الهجرة، و ثانيا: الاستعداد للثبات فى دار الهجرة، وثالثا وهو الأهم: أن تحدد ما يستطيع تقديمه للموطن الجديد، وإلا أصبحت الهجرة مجرد سفر وإرهاق.
ــ1ــ
حسن اختيار المهاجر يفرض علينا التدقيق فى أحوال الموطن الجديد تدقيقا يتيح لك الإجابة عن أسئلة كثيرة: 1ــ ما مدى قدرتك على الوصول إلى الموطن الجديد؟ وهل تملك تكلفة الانتقال؟ أم لابد من تدبيرها، والاقتراض لهذا الأمر يحتاج شفافية وصدقا، فصاحب القرض لابد أن يعلم أنك مهاجر، والمهاجر مغامر قد يستطيع السداد عاجلا أو آجلا وقد يعجز – لا سمح الله – لأن الظروف المستقبلية ليست فى يده.
والوصول الآمن ضرورة، وترحيب قانون البلد الذاهب إليها،
وقدرتك على الإقامة المنتجة بل إن القدرة على الإنتاج المتميز كما وكيفا ضرورة. فلابد من إتقان صنعتك ومهنتك إتقانا يجعل لك أولوية على غيرك، ويلفت النظر إليك، ويجعلهم فى شوق إلى الاقتراب منك. وعلى ذلك، فموطن الهجرة هو الموطن الذى يحتاج جهودك، وتستطيع أنت الإبداع والإنتاج واستثمار الظروف الجديدة.
ــ2ــ
أما عن الاستعداد فهو أكبر المؤهلات وأهمها. وهذا الاستعداد ليس مجرد برنامج تدريب ولا مقرر دراسى تنجح فيه، فذلك هو المرحلة الأخيرة فى الاستعداد. إنما الاستعداد الصحيح هو ما يقدمه الوالدان لأولادهما فى الصغر، حيث يجب أن تكون برامج التعليم منذ الحضانة برامج ومقررات جادة. وأن يكون الأصل فى التعليم تلقى وإتقان شىء مما تحتاجه البشرية كلها، علم يقوم عليه عمل يحتاجه معظم الناس. أما تلك المعلومات التى لا حاجة لها فى سوق العمل والإنتاج فليست من العلم، وليست من العمل، بل هى مجرد هوايات وترفيه قد يكون مطلوب فى بعض الأوقات، وفى بعض البلاد.
ــ3ــ
أقول ذلك لما نشهده حينما نرى شبابا (رجالا ونساء) تخرجوا فى كلية عملية (الهندسة / الطب / الصيدلة) ويسارع بعضهم بعضا بترك هذه التخصصات العملية ويغامر كل منهم فى غير تخصصه!!!
فهل يتصور البعض أن شخصا تخرج طبيبا أو مهندسا وحينما يفكر فى النمو يتجه إلى فرع من فروع أخرى (الإدارة / التسويق / إلخ) وينسى تخصصه الأصلى بالكامل!!! فهذا تسرع غير مقبول فى كثير من الحالات. فمثلا فى كل بلاد العالم توجد مستشفيات كثيرة، وفى كل مستشفى عشرات أو مئات الاطباء لكن ليس فيها إلا 5% إدارة، فكيف يضيق الإنسان فرصه من 95% إلى 5%؟
ــ4ــ
الحق فى ذلك أن من الضرورة تنمية مهاراتك وزيادة معلوماتك ومضاعفة التدريب والتجديد وتحسين مستواك فى تخصصك الأصلى، وإذا كان التغيير ملحا وضروريا فقد يكون اختيار التمريض أو بعض الخدمات المطلوبة فى نفس المجال أولى
وأفضل من ترك التخصص وتناسيه والدخول فى مغامرة تلغى 25 سنة من عمرك. أما إذا حاولنا الإضافة بتعلم الإدارة
والمعلومات إلخ مع المحافظة على الأصل و ممارسته فلا بأس.
ــ5ــ
ولابد أن نذكر الآباء والأمهات قبل تذكير المؤسسات والحكومات أن أفضل تربية وإعداد للأبناء لا يختصر فى اختيار تخصص الأبناء بالنظر إلى رغبة الأهل ولا رغبة الابن، بل يكون بالنظر إلى اختيار التخصص الذى يحقق فيه الأبناء تفوقا، وها نحن نسمع – لشديد الأسف ــ عن أطباء تركوا مهنتهم، أو يأسوا ولم يتقدموا فيها فى الوقت الذى نرى فيه بأعيننا نقصا حادا فى مهنته التمريض وارتفاعا ملحوظا فى أجور التمريض.
هل يفهم الأهل والأبناء درس الهجرة ؟!

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved