الكاسبون والخاسرون فى مؤتمر الشباب

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين

آخر تحديث: الخميس 27 أكتوبر 2016 - 9:35 م بتوقيت القاهرة

فى ختام اليوم الثانى من المؤتمر الوطنى الأول للشباب يمكن رصد بعض الملاحظات التى تشير إلى حساب المكاسب والخسائر فى هذين اليومين.

أولا: كسبت وزارة الشباب ووزيرها المهندس خالد عبدالعزيز، وكسبت والحكومة والرئاسة كثيرا من المشهد الذى تابعه الملايين عبر شاشات التليفزيون، وخلاصته أن رئيس الجمهورية وبجانبه رئيس الحكومة وغالبية الوزراء كانوا يجلسون فى مقاعد المشاهدين والمتابعين، بينما كان على المنصة العديد من المتحدثين، بعضهم يؤيد الحكومة بقوة وبعضهم يختلف معها تماما.

ثانيا: الشخص أو الجهة التى دعت المختلفين معها من السياسيين والإعلاميين لحضور المؤتمر، تستحق التحية والإشادة. المعارضون قالوا كل ما عندهم من ملاحظات وانتقادات فى حضور رئيس الجمهورية وكل المسئولين، والأهم على الهواء مباشرة، كنت سعيدا وأنا أتابع مداخلات وكلمات بعض المتحدثين مثل محمد نجم الباحث الاقتصادى وشهاب وجيه من المصريين الأحرار وعلاء عصام من حزب التجمع، وهم يقدمون مطالب محددة للإصلاح. وكنت سعيدا أكثر بدعوة وزارة الإسكان الدكتور أسامة الغزالى حرب لندوة عنوانها العاصمة الإدارية الجديدة بعد أن كتب حرب مقالا قويا ينتقد فيه المشروع، ورأينا سجالا ممتازا بين الدكتور مصطفى مدبولى والدكتور أسامة الغزالى.

وكنت أتمنى حضور من قاطعوا من شباب الأحزاب، ليقولوا ما يشاءون، خصوصا أننى رأيت بعينى أن إعطاء الكلمات للحضور، كان عشوائيا فعلا، وليس مرتبا، والدليل أن أحد المتحدثين شكا من أن أعضاء البرنامج الرئاسى للقيادة يحصلون على أولوية فى كل شىء بالمؤتمر.

ثالثا: حضور الزميل والصديق إبراهيم عيسى للمؤتمر أضاف له نكهة خاصة، وحضور الرئيس للندوة الخاصة بالإعلام والشباب، جعل الجميع يترقب ماذا سيحدث.

فى هذه الندوة كانت القاعة ممتلئة تماما، وكأنها جلسة الافتتاح. كسب الرئيس والحكومة، لأنهما حضرا ندوة يشارك فيها عيسى الناقد الأول للجكومة ويتاح له كامل الحرية فى الانتقاد. وبالتالى يحق للحكومة القول بأنها تؤمن وتطبق حرية التعبير. وكسب عيسى كثيرا لأنه أثبت للجميع أنه لا يتلون أو ينافق بل يدافع عن مبادئ، ويعبر عن وجهة نظره بأقوى حجة ممكنة مع أكبر قدر من الاحترام. بعض المتحدثين كان منظرهم يرثى له، وهم يحاولون تلميع وجه الحكومة بطرق فجة، فى حين أن مداخلة الأستاذ مكرم محمد أحمد كانت متوازنة إلى حد كبير، وتعكس المعضلة المستمرة وهى كيف يمكن المواءمة بين حرية الرأى والتعبير وفى الوقت نفسه المصلحة العامة.

وكسبت مصر بأكملها، لأنها شاهدت نموذجا يمكن تعميمه وهو أن يتجادل الجميع ويختلفوا فى إطار من الأدب والاحترام والقانون.

لو أن هذا النموذج استمر وتم محاسبة المخطئ بالقانون سواء كان مؤيدا للحكومة أو معارضا لها، فسوف تختفى فورا ظاهرة الفوضى والبلطجة الإعلامية التى يشكو منها الجميع. لكن المشكلة أن البعض يطالب بحظر إبداء الرأى طالما كان معارضا له فقط. فى حين أن قوة مصر الحقيقية أن يكون بها أكبر تنوع ممكن فى الآراء، وهو جزء كبير من قوتها الناعمة.

أما الخاسر الأكبر فى المؤتمر فهم الذين ينظرون للأمور دائما باعتبارها أبيض أو أسود فقط، دون رؤية العديد من الألوان المتداخلة. خسر الإرهابيون والمتطرفون، الذين اهتموا فقط بالقشور، فى حين أنهم الأكثر انزعاجا من وجود حوار حقيقى بين غالبية مكونات المجتمع. هؤلاء يعيشون فقط على الكوارث والمصائب مثل الحانوتية، مع خالص الاحترام لأهل هذه المهنة الأخيرة.

كل ما سبق مكاسب للجميع، شرط أن يتم تفعليها على أرض الواقع، وألا نكرر «المأساة المصرية الأصيلة» أى البداية الساخنة والمتحمسة جدا، ثم الهدوء والنوم القاتل!

ختاما: ننتظر أن نرى نتائج مختلفة على الأرض حتى يكون النجاح حقيقيا.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved