ماسى.. غناء جيد وتنظيم ليس كذلك

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين

آخر تحديث: الثلاثاء 28 أبريل 2015 - 9:20 ص بتوقيت القاهرة

ليس الفقراء فقط والعشوائيون هم الذين لا يعرفون النظام، بعض المنتمين لطبقة كبار القوم كذلك أيضا.

مساء الأحد الماضى كان موعد حفل الفنانة الجزائرية الكبيرة سعاد ماسى على المسرح المكشوف والضخم فى «أب تاون كايرو» فى المقطم. الموعد المكتوب على التذكرة يقول إنه سيبدأ فى الثامنة. على مدخل المكان كانت الفوضى غير الخلاقة. المئات من الحضور تجمعوا بصورة تشبه ما حدث أمام ستاد الدفاع الجوى والحمد لله أنه لم تكن هناك شرطة أو غاز مسيل للدموع أو قفص لحشر الداخلين فيه. الحضور تبدو عليهم مظاهر اليسر والراحة «والبغددة»، ورغم ذلك وبدلا من الوقوف طابورين الأول للرجال والثانى للسيدات كما طلب الأمن المدنى المنظم لكى يمكنه تفتيش الداخلين صار المشهد وكأننا أمام «فرن» للخبز المدعم فى عزبة النخل قبل تطبيق منظومة الخبز الجديدة. البعض الذى التزم وجاء فى الموعد المحدد وقف فى الطابور نصف ساعة أو ساعة إلا الربع حتى استطاع الدخول.

ورغم أن كل كرسى عليه رقم محدد فقد استغرق الأمر الكثير من الوقت ليصل كلٌ إلى مكانه.
البعض منا يقسو على الفقراء والقادمين من الريف والمناطق الشعبية بأن جيناتهم لا تعرف النظام لكن الكثير من المشاهد والتعبيرات واللهجة المستخدمة فى الأحاديث التى سمعتها مساء الأحد تقول إن فيروس الفوضى والعشوائية اخترق وضرب الجميع فى مقتل مع فارق الدرجة فقط.

المفرح أن غالبية الحضور نسوا وتجاوزوا هذا القلق والفوضى مع إطلالة سعاد ماسى على المسرح فى العاشرة.

ماسى لمن لا يعرفها ولدت فى عام ١٩٧٢ واحترفت الغناء وتركت بلادها بسبب الحرب الأهلية وتقيم فى فرنسا منذ ١٥ عاما تقريبا وصدر لها أربعة البومات يركز جزء كبير منها على الحرية وهى تعتقد أن الحياة بالنسبة لأى امرأة فى هذا الوطن الكبير صعبة جدا ولذلك قررت أن تعيش خارج هذا الوطن.

فى بداية الحفل غنت للشاعر التونسى الكبير أبو القاسم الشابى:
ألا أيها الظالم المستبد / حبيب الفناء عدو الحياة * سخرت بأنات شعب ضعيف / وكفك مخضوبة من دماه * وسرت تشوه سحر الوجود / وتبذر شوك الأسى فى رباه

وفى نهاية القصيدة تبشير بمصير كل الطغاة والمحتلين:
ســيجرفك الســيل، سيل الدماء / ويأكلك العاصف المشتعل.

ثم غنت ماسى قصيدة الشاعر العراقى الكبير أحمد مطر «لافتات» ومطلعها:
زار الرئيس المؤتمن/بعض ولايات الوطن/وحين زار حينا/قال لنا:/هاتوا شكاواكم بصدق فى العلن/ولا تخافوا أحدا../فقد مضى ذاك الزمن.

وغنت ماسى أيضا قصيدة الطلاسم لإيليا أبو ماضى ومطلعها:
ولقد أبصرت قدامى طريقا فمشيت/وسأبقى ماشيا إن شئت هذا أم ابيت/كيف جئت؟ كيف أبصرت طريقى؟ لست أدرى!.

وبعد ذلك غنت من تأليفها أغنية عنوانها «يحكيها الراوى» وتقول فيها: « كل واحد منا فى قلبه حكاية». ثم غنت ايضا «ويش يعمل القلب الخالى ويش يعمل القلب الحزين ويش يعمل القلب الجريح».

ووسط الهواء النقى والأكسجين الطبيعى والجو الساحر فوق هضبة المقطم صدح صوت ماسى مغنيا للشعوب وللحرية وكان صوتها فى قمة عنفوانه وهى تقول:
«الحرية لاتمنحها هيئات البر الخيرية».

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved