إقصاء ومعايير مزدوجة.. وعسكرة للمخيلة الجماعية

عمرو حمزاوي
عمرو حمزاوي

آخر تحديث: الأحد 28 يوليه 2013 - 9:15 ص بتوقيت القاهرة

طوال الأسابيع الماضية واصل «طيور ظلام المرحلة» الترويج لفاشية الإقصاء ونزع الإنسانية والوطنية عن عموم الإخوان وحلفائهم فى اليمين الدينى، دون تمييز بين مجموعات تحرض على العنف وتمارسه وبين مواطنات ومواطنين يرفضون عزل الدكتور محمد مرسى ولهم فى إطار القانون والسلمية الحق فى الاعتصام والتظاهر والمشاركة فى المسيرات.

طوال الأسابيع الماضية شيطنوا ولعنوا كل صوت طالب بالمحاسبة على الدم والاستبداد والفساد وفقا لمنظومة عدالة انتقالية لا تميز بين نظام مبارك وحكم المجلس العسكرى ورئاسة الدكتور محمد مرسى وفترة ما بعد ٣٠ يونيوالراهنة، ثم بالانفتاح على إجراءات للمصالحة الوطنية لدمج كل القوى والتيارات فى إطار سلمية وعلنية العمل العام والسياسى واحترام مواطنة الحقوق المتساوية ومدنية الدولة. تحولت الأصوات المطالبة بالمحاسبة والعدالة الانتقالية والمصالحة زيفا وتشويها إما إلى خلايا إخوانية نائمة وعرابين للجماعة ومجموعات مشبوهة وعملاء لمشروع أمريكى يعملون ضد المصلحة الوطنية، أو عند الأصوات الرئيفة بين طيور الظلام، إلى مثاليين وحالمين وأصحاب أياد مرتعشة غرباء عن مصر.

طوال الأسابيع الماضية تورط «طيور ظلام المرحلة» فى الترويج لخيانة المطالبين بالابتعاد عن المعايير المزدوجة حين التعامل مع انتهاكات حقوق الإنسان وبضرورة التحقيق القضائى المستقل فى الدماء التى سالت أمام دار الحرس الجمهورى ومسيرات المنصورة وأحداث المنصة وغيرها وإنفاذ العدالة الناجزة والمنضبطة بشأنها تماما كما ينبغى إنفاذها بشأن محاسبة كافة المحرضين على العنف والمتورطين به بين صفوف الإخوان وحلفائهم. رفض الصمت، والمطالبة بالتحقيق فى كافة انتهاكات حقوق الإنسان لحماية السلم الأهلى، والتأكيد على أن المصداقية الأخلاقية للقوى الديمقراطية فى مصر أصبحت مرهونة بإدانة العنف والقوة المفرطة والانتهاكات بغض عن الطبيعة الرسمية أو غير الرسمية لمصدرها كانت كآراء كافية لتعريض أصحابها لحملات تشويه منظمة ولأقذع الاتهامات ولإنتاج حالة من هيستريا الفاشية الجماعية التى لا تقبل إلا الصوت الواحد والرأى الواحد والأحكام المطلقة.

طوال الأسابيع الماضية خلط هؤلاء بين الأولوية الوطنية المتمثلة فى مواجهة الإرهاب والعنف فى سيناء وأماكن أخرى، وبين سحب صفة الإرهاب على مجمل الصراع السياسى الداخلى (بالتمييز بين المواطنين الشرفاء والمنزوعة عنهم تعميما رابطة الوطنية المصرية والمتهمين مسبقا بالعنف) وتبرير القوة المفرطة وانتهاكات حقوق الإنسان بمقولات ثأر وانتقام والأخطر بخطاب استئصالى بغيض يعصف بالسلم الأهلى. وحين تعالت أصوات قليلة (كنت من بينها

كما سجلت فى مقالة الأمس بالشروق) ترفض دعوة التفويض الشعبى للقائد العام للقوات المسلحة لمواجهة الإرهاب لما تحمله من تجاوز لمؤسسات الدولة ومرتكزات سلطتها التنفيذية (الرئاسة المؤقتة والحكومة) التى باتت كرتونيتها جلية ولخطورة عسكرة المخيلة الجماعية للمصريات وللمصريين، ولوجود قوانين مصرية كافية لتمكين الشرطة والقضاء والجيش فى حالات التحديات الاستثنائية من مواجهة الإرهاب والعنف، كان نصيب الأصوات هذه

الهجوم الحاد من طيور الظلام والتشكيك فى الوطنية إلى آخر الرطانة البائسة التى عادت لتصبح معهودة.

والحصيلة الكارثية لكل هذا تتمثل فى تعميم فاشية الإقصاء وهيستريا الرفض الجماعى لليمين الدينى وإنتاج حالة من قبول المعايير المزدوجة بشأن حقوق الإنسان وعسكرة المخيلة الجماعية للمصريات وللمصريين. وكما تتحمل بعض قيادات الإخوان وحلفائهم مسئولية الإجراءات الاستبدادية فى عام رئاسة الدكتور محمد مرسى ومساعى السيطرة والاستحواذ على الدولة والسياسة التي أنتجت الرفض الشعبى والتورط الراهن فى التحريض على العنف، يتحمل «طيور ظلام المرحلة» المسئولية عن وصول مجتمعنا إلى القابلية المرعبة الراهنة للعنف ولفاشية الإقصاء وللمعايير المزدوجة.

أما آن أوان عودة الأغلبية إلى الرشد والعقلانية والقيم الديمقراطية؟

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved