ديمقراطية الأندية؟!

حسن المستكاوي
حسن المستكاوي

آخر تحديث: الإثنين 28 سبتمبر 2009 - 10:27 ص بتوقيت القاهرة

 أتنسم رائحة كأس الأمم الأفريقية 2006 وجمهورها الحلو والجميل الذى يرى مباريات الكرة متعة وترويحا. أتنسم رائحة الشباب الذى يحب بلاده، ولا يراها مظلمة وسوداء وكالحة ومشوهة ومريضة بالمحسوبية، والكوسة، وسلطة الأقلية وإذعان الأغلبية، وبالقمامة والرى بالمجارى، وبالفساد الإدارى..

أتنسم تلك الرائحة بهذا الاهتمام بمباريات منتخب الشباب، وبالإقبال الجماهيرى على مبارياته، فهؤلاء الآلاف ينتظرون فرصة التعبير عن الانتماء لمصر، وهذا فى جميع الأحوال دليل حب للبلد قبل أن يكون حبا لكرة القدم. وإلا ما تفسيركم يا من ترون أن المصريين أصبحوا لا يحبون بلدهم؟!

هم يحبون البلد، ويعشقون ترابها، فمصر عندهم هى أم الدنيا، ومصر عندهم ليست أشخاصا ولا وزراء ولا مسئولين. ومن أسف أن الانتماء عند المصريين حالة، تظهر فى مباريات، وفى معارك عابرة، وفى قضايا رأى عام، وفى كل لحظة من تلك اللحظات. من المباراة ومن المعركة ومن القضية يتجلى حب المصرى لمصر، لكن هؤلاء أيضا يحلمون بكرامتهم، ولا يطيقون الفساد، ولا يرضون بالظلم، ولا يقبلون بالتزوير، ولا يوافقون على اختصار مطالبهم فى السكر والشاى والزيت والأسمنت والحديد..

وبطاقة التموين، وهم لايصدقون من يضحك عليهم فى خطاب إعلامى ساذج، لا بل شديد السذاجة، كأنه يخاطب شعبا عبيطا مصابا بالهطل.. هؤلاء الشباب يحبون مصر ويضحكون حين يظن أشخاص أنهم مصر ويبيعون لهم هذا الظن..؟!
ياه.. ياترى إمتى نتغير؟!

هبت رياح التغيير على أندية كبيرة. اختارت الجمعية العمومية لنادى سبورتنج الإسكندرية رئيسا جديدا وهو لطفى الأحمر على الرغم من سنوات سابقة حكم فيها أحمد حمادة النادى العريق. وفى هليوبوليس فاز هارون التونى بالرئاسة على حساب الوزير السابق فؤاد سلطان ورئيس النادى عدة دورات وسنوات.. فيما احتفظ الفريق زاهر عبدالرحمن بمنصبه كرئيس للزهور مع قائمته..

وفى الحالتين، حالة التغيير، أو الاستقرار، شارك الآلاف من أعضاء الأندية فى التصويت والاختيار بإرادتهم الحرة.. وسوف تظل تلك الانتخابات درسا ديمقراطيا رائعا وفى الوقت نفسه لغزا محيرا.. فكيف يقبل المصرى على المشاركة فى انتخابات نادٍ رياضى ولا يقبل نفس المصرى على المشاركة فى الانتخابات

السياسية؟!
الإجابة: لأنه يدرك أن صوته سيكون فى موضعه وأن اختياره لن يغيره أو يشوهه أحد..ولأن صوته مؤثر وقوى فهو لا يبخل به على ناديه، خاصة أنها عملية ممتعة أن تختار من تحب أن يقود ناديك ويحكمك؟!

هؤلاء أعضاء الأندية المصرية هم الأغلبية الصامتة فى السياسة، وهم ينتصرون على الأقلية المنظمة فى انتخابات الأندية، إلا أنهم يتركون لها الساحة فى الانتخابات السياسية..حيث يكون التصويت عذابا ومهانة؟!

هل يهتم رجال السياسة الذين ينادون على المصريين للمشاركة فى الانتخابات السياسية.. هل يهتمون حقا بدعوة الناس للمشاركة أم أنهم يفضلون ابتعادهم؟!




هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved