ليست مباراة الاعتزال

أحمد الصاوى
أحمد الصاوى

آخر تحديث: الثلاثاء 29 نوفمبر 2011 - 8:00 ص بتوقيت القاهرة

أيا كانت نتائج الانتخابات، وأيا كان رضاك عنها، فستضيف لمسيرتك درسا جديدا لابد أن تستوعبه سريعا، أوله أن وقوفك أمام صناديق الاقتراع هذه المرة مدعوما بقدر كبير من الثقة التى لم تكن موجودة فى السابق، دفع ثمنه مئات الشهداء، وآلاف الضحايا الذين واجهوا الاستبداد بالنيابة عنك ومارسوا الجهاد وكأنه «فرض كفاية» تعفى مشاركة البعض الباقى فيه، لكن آن الأوان أن تسقط هذه الكفاية، وتصبح المواجهة «فرض عين» على كل مصرى، وهذه المرة ليس أمام قنابل الغاز ورصاص المستبدين، وإنما أمام صناديق الاقتراع.

 

هذه اللحظة دفع المجتمع المصرى ثمنها غاليا جدا، وبقدر الثمن المدفوع بقدر العائد المنتظر، وهذا العائد إذا جاء أقل من الثمن ستكون كارثة حقيقية، ليس الثمن فى نتائج محددة، ولكن فى نزاهة هذه العملية التى ستمنح المزيد من الأمل فى تكرار التجربة وتصويب الأخطاء إن وجدت فى المرات القادمة، بعد أن يخرج الجميع طالبا حقه فى الصندوق ولا يعود ثانية لفقه «فرض الكفاية».

 

لكن أمام بعض الممارسات «الجزئية» حتى ساعات كتابة هذه السطور، أخشى أن يكون الدرس الذى سنخرج منه الآن هو تبرئة نظام مبارك كأشخاص وسياسات من جرائم التزوير، ففى بعض الدوائر حدثت ممارسات مزعجة لا تثبت أكثر من أن «تقفيل الصناديق وتسويد البطاقات والرشاوى الانتخابية والتأثيرات العائلية والطائفية والعنف والبلطجة» هى ثقافة متجذرة فى نسيج «محترفى الانتخابات» وليست فقط سياسات لمبارك، وإن كان غرس هذه الثقافة صنيعته، وريها وتنميتها والعناية بها عمله.

 

لا شىء سيكون مثاليا بالتأكيد، لابد أن تمهد نفسك لقبول ذلك، لكن الأهم أن تكون قادرا على انتزاع آليات واضحة لتصويب المسار، وأن تجد سلطة تساعدك على ذلك، فرقابة القضاء ستبقى حاكمة على العملية كلها وتقارير محكمة النقض التى ستفصل فى الطعون ستعامل بطريقة مختلفة عما سبق، والمؤكد أن أسطورة «سيد قراره» سقطت مع سقوط أركانها وهذه قد تكون ضمانة مهمة وسط جو التشكيك والانزعاج الشديد من السلبيات القائمة.

 

أيضا أى نتائج المفترض أن تقبلها مهما كانت وتعترف بها، حتى لو رصدت أخطاء أو انتهاكات، لديك مسارات لفضح الانتهاكات والطعن على الممارسات الخاطئة إذا تأكدت أن أى أخطاء هى سلوك فردى يخص مرشحا أو عائلة أو حتى حزبا وقائمة، أما إذا كان الشك مازال قائما فإن هذه الأخطاء مازالت سياسات منهجية لسلطة الحكم، فلا تنس كذلك أن لديك شارعا كان حاكما حين سد النظام السابق أفق التغيير عبر الصندوق.

 

أنت صاحب القرار، ثق بذلك، عادت لك إرادة الفعل بعد عقود طويلة كنت «مفعولا به».. السياسة لن تنتهى بعد الانتخابات، والسلالم لن تهدم، والميادين لن تغلق، أنت لتوك بدأت النضال ولم تنهه، نزلت الملعب أخيرا فلم تعتقد أن هذه الجولة هى مباراة الاعتزال?!

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved