مقدمات ونتيجة

عمرو حمزاوي
عمرو حمزاوي

آخر تحديث: السبت 28 نوفمبر 2015 - 11:05 م بتوقيت القاهرة

المقدمة الأولى ــ تجرى الانتخابات البرلمانية 2015 وفقا لنظام انتخابى أعد لتفتيت السلطة التشريعية واستتباعها من قبل السلطة التنفيذية، ومن ثم غل يدها تشريعيا ورقابيا.
المقدمة الثانية ــ يدير الانتخابات البرلمانية خليط من مراكز القوى وثيقة الارتباط بالسلطوية الحاكمة، من الأجهزة الأمنية والاستخباراتية التى تحدد الحصص وتوزع المقاعد فقط بين«المؤيدين»، إلى النخب الاقتصادية والمالية المتحالفة مع الحكم التى تمول أحزابا وتدفع بمرشحين للتنافس على القوائم وعلى المقاعد الفردية شريطة اجتماعهم على «حب السلطة» المسماة كوديا «حب مصر»، وبينهما مؤسسات دينية رسمية إما تهدد المواطن بصنوف من العقاب السماوى إن لم يمتثل لإرادة الأجهزة والنخب أو تلاحقه فى دور العبادة بأسماء القوائم ومرشحى المقاعد الفردية التى يتعين الخروج والتصويت لهم للحصول على رضاء الرب والقبول الإلهى.
المقدمة الثالثة ــ وكأن الإدارة الأمنية ليست بكافية لكى لا يصل إلى البرلمان إلا من يؤيد الحكم ويمجد الحاكم، وكأن هيمنة المال السياسى لا تلغى عملا حضور برلمانيين يريدون ممارسة مهام التشريع باستقلالية ومهام الرقابة على السلطة التنفيذية بجدية؛ تشهد الانتخابات البرلمانية عمليات شراء أصوات واسعة تتداول الكثير من وقائعها على مواقع التواصل الاجتماعى.
المقدمة الرابعة – تنصرف أغلبية ساحقة من المصريات والمصريين عن «الملهاة الانتخابية» وتعزف عن المشاركة إما لأن النتائج معلومة سلفا على نحو يتناقض مع حق المواطن فى الاختيار الحر، أو لأن السياسة أميتت والمظالم والانتهاكات تراكمت والوقانين الاستثنائية توالت والسلطوية الحاكمة لا تبحث سوى عن ديكور انتخابى وتشريعى يجمل صورتها خارجيا قبل داخليا.
المقدمة الخامسة ــ ولأن المعارضة لا وجود لها فيما يسميه الحكم «السياسة الرسمية» ولأن المواطن فى وضعية عزوف عن المشاركة ومن ثم لا توقعات لديه بشأن البرلمان، لا يتحرج «النواب الجدد» من إطلاق التصريحات التى تؤكد استتباع السلطة التشريعية وخضوعها لإرادة الحكم والحاكم. تارة «سنوافق على جميع التشريعات التى أصدرها السيد رئيس الجمهورية»، وثانية «سنكون الظهير السياسى للسيد رئيس الجمهورية»، وثالثة «لن نقف أبدا فى وجه السيد رئيس الجمهورية»، ورابعة «مصر تتعرض لمؤامرات كبرى، وواجبنا ألا نختلف أبدا فى البرلمان»، وغيرها الكثير والكثير.
المقدمة السادسة ــ لذلك، لا ينتظر من البرلمان القادم الاضطلاع بأدوار حقيقية فى البحث عن سبل للخروج من الأزمات الاقتصادية والاجتماعية التى تحاصرنا فى مصر، ولا الإسهام فى الحد من القوانين الاستثنائية والتخلص من جمهورية الخوف الراهنة، ولا العمل على ترشيد فعل الأجهزة الأمنية والاستخباراتية التى تتغول على كل ما عداها، ولا المطالبة بمساءلة ومحاسبة الحكم والحاكم وأعوانه بشأن المظالم والانتهاكات المتراكمة وجرائم القتل خارج القانون والتعذيب والاختفاء القسرى التى يتحملون مسئوليتها الجنائية والسياسية.
النتيجة ــ سنكون مع برلمان للمؤيدين فقط، برلمان وظيفته الموافقة وحسب، برلمان ديكور هدفه تجميل السلطوية الحاكمة فى الخارج قبل الداخل، برلمان لا اختلافات كبيرة بداخله بين«نواب الأجهزة» و«نواب المال» و«نواب» المؤسسات الدينية الرسمية، برلمان لا أجندة تشريعية أو رقابية له.
هذا برلمان منزوع الشرعية الشعبية فى ظل عزوف المواطن الناخب، ولا شرعية سياسية له فى ظل غياب الجوهر الديمقراطى وسطوة الأمن والمال.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved