دولة الإخوان الموازية

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين

آخر تحديث: السبت 28 ديسمبر 2013 - 8:10 ص بتوقيت القاهرة

صباح الخميس الماضى سألت مسئولا قريبا من صناعة القرار عن جدوى إصدار قرار تجميد او التحفظ على اموال اكثر من ألف جمعية اهلية وخيرية تقدم خدمات للملايين من الفقراء بحجة انها اخوانية.

المسئول رد بقوله انه لا قيمة لأى اجراءات قانونية او ادارية او سياسية او امنية ضد جماعة الإخوان ما لم تكن مصحوبة بالاساس بتجفيف منابع تمويلها.

المسئول يوضح الأمر بقوله انه ليس صحيحا ان السادات او مبارك قد حاربا الجماعة بل الصحيح انهما قدما لها مساعدات جليلة تجعل العلاقة اقرب إلى التحالف حتى لو كان شعارها المواجهة.

السادات هو الذى اخرج الإخوان وبقية الجماعات الاسلامية من السجون بعد وفاة عبدالناصر عام ١٩٧٠ لمواجهة اليساريين وانتهى الأمر بأن قتلوه فى ٦ اكتوبر عام ١٩٨١.

قبل وفاته بحوالى شهر اعتقل السادات غالبية القيادات الاسلامية ومعهم ايضا كل الرموز الوطنية. جاء مبارك واخرج الجميع من السجون ومعظم عهده كانت علاقة نظامه ملتبسة ظاهرها العداء وباطنها التعاون. فى عهده كان النظام يرفع شعار المواجهة مع الإخوان لكن المفارقة انهم خاضوا كل انواع الانتخابات النقابية والاهلية والنيابية وكانوا جزءا رئيسيا من نظام مبارك.

فى هذه الفترة اقام الإخوان شبكتهم الاجتماعية والمالية كدولة موازية للدولة ونافسهم فى ذلك السلفيون والى حد ما الجماعة الاسلامية والاخيرة نشطت اجتماعيا فى الصعيد خصوصا اسيوط والمنيا فى اوائل التسعينيات.

بطبيعة الحال كانت هناك خطوط حمراء فى علاقة الطرفين جوهرها ان تحصل الجماعة على حصة غير مؤثرة فى المجتمع مثل البرلمان وبعض النقابات وعندما كانت الجماعة تتجاوز الخط الاحمر كان يحدث الردع كما رأينا فى النقابات المهنية ومصادرة بعض الاموال والشركات «سلسبيل نموذجا».

الحقيقة ان مبارك حاصر الاحزاب والجمعيات والمنظمات المدنية اكثر نسبيا مما فعل مع الاسلاميين خصوصا الإخوان.

فى غالبية انتخابات نظام مبارك كان الإخوان طرفا فاعلا سواء بمفردهم او عبر احزاب اخرى مثل الوفد والاحرار والعمل، اضافة إلى مشاركتهم فى انتخابات النقابات التى اضطر نظام مبارك إلى تجميدها لاحقا بعد ان سيطر عليها الإخوان. عندما تخلى مبارك عن الحكم اكتشفنا ان الاسلاميين خصوصا الإخوان هم الموجودون فى الساحة ماليا واجتماعيا وتنظيميا وبالتالى تمت ترجمة ذلك إلى اغلبية فى كل الانتخابات. وللموضوعية فإن ذلك كان طبيعيا بالنظر إلى ان غالبية القوى المدنية كانت ضعيفة ومفككة.

عمليا اقام الإخوان ومعهم بعض القوى السلفية دولة موازية للدولة الرسمية اثناء عهد مبارك ولأسباب متعددة ترك نظامه هذه الدولة الموازية تكبر وتترعرع حتى التهمت المجتمع بأكمله. السؤال: هل يمكننا ان نلوم الإخوان او غيرهم من السلفيين على انهم تقدموا وقدموا مساعدات انسانية للفقراء والمحتاجين وكل ما طلبوه من هؤلاء ان يذهبوا إلى لجان الاقتراع ويردوا لهم الجميل اى «التصويت مقابل الغذاء»؟

معظمنا كان يتحدث عن دبلوماسية او طريقة او نظام «الزيت والسكر» ولم نكن نعرف ان الامر اكبر من مجرد زيت وسكر بل نظام اجتماعى متكامل يؤدى وظيفة دولة شاخت وترهلت وفسدت فكان من الطبيعى ان يحدث الانهيار.

المسألة باختصار ان الدولة انسحبت فدخلت الجماعة. وللحديث بقية.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved