حكاية سوق

أحمد بهاء الدين
أحمد بهاء الدين

آخر تحديث: الخميس 29 يناير 2015 - 10:50 ص بتوقيت القاهرة

لم تكن السنوات الماضية رحيمة بسوق السيارات فى بلدنا، مثل معظم القطاعات الأخرى، معاناة مستمرة وتذبذب فى مؤشرات المبيعات، أسابيع تسجل حركة طفيفة، تجدد الأمل ثم يلحقها إحباط يستمر لشهور!.. بغض النظر عن القطاعات الأخرى التى لست ملما بجوانبها وبخفاياها، قطاع السيارات كان مختلفا إلى حد كبير، رغم الأزمات والمبيعات المنخفضة إلا أنه دائما كان يجد سبيلا للنجاة.

السيارة فى النهاية شكل من أشكال الاستثمار ولن يكف العملاء يوما عن شرائها، ورغم أن هذه حقيقة لا يختلف عليها أحد، إلا أنها لم تكن السبب وراء نجاة السوق بشكل مستمر، كان هناك العديد من العوامل والأسباب، بعضها سلبى وبعضها إيجابى، ولكن بين تلك العوامل يظل حدثا واحدا، كان خلال السنوات الماضية «قبلة الحياة» السنوية لهذا القطاع، معرض «أوتوماك ــ فورميلا».

المعرض الذى يجسد قصة نجاح حقيقية، لا أبالغ مطلقا إذا أكدت أنها نموذج يمكن أن يتم تدريسه فى عالم الأعمال، لعلاقتى الوطيدة بالمنظمين وظروف عملى التى كانت تضعنى فى بعض الأحيان داخل أدق التفاصيل، كنت خير شاهد على تلك القصة، ومازلت باعتبار «سيارات الشروق» الشريك الإعلامى الرسمى للمعرض منذ الدورة السابقة.

قبل يناير 2011 لم يكن هناك «أوتوماك ــ فورميلا»، فكما نعلم جميعا كانا معرضين مستقلين، ولم تكن الساحة الصحفية بعيدة عن تلك المنافسة فكل معرض كان فى شراكة مع مؤسسة صحفية عملاقة، أوتوماك كان شريكا لـ«أخباراليوم» وفورميلا كان حليفا لـ«الأهرام».

وقتها كنت عضوا فى «كتيبة» أخبار اليوم كما كان يطلق عليها «الأستاذ»، مؤسس صحافة السيارات فى مصر خالد أباظة والذى يعود له الفضل أيضا فى التطور الذى شهدته هذه المهنة، وباعتبارنا شركاء فى التنظيم، كانت ظروف عملى تضعنى بشكل مستمر داخل تفاصيل تلك المنافسة الشرسة، أذكر تلك الساعات الطويلة التى كنا نقضيها مع العارضين والمنظمين أثناء تجهيز الأجنحة والتى كانت تمتد للصباح.

مرت أحداث يناير 2011 وواجه القطاع صعوبات كبيرة فى ذلك الوقت، ولكن ظلت المنافسة محتدمة بين المعرضين، ومرت 2011 و2012، وربما كانت السنوات الأصعب فى حياة سوق السيارات، ثم جاءت 2013 لتعطى إدارتا المعرضين درسا للجميع فى كيفية التعامل مع الأزمات، ليس ذلك فحسب بل كيفية العمل على دعم القطاع بالكامل.

بعد سنوات طويلة من تلك المنافسة الشرسة، لم يكن يخطر على بال أحد أن نشهد شراكة بين الكيانين!.. خصوصا بعد أن كانت السوق قد تجاوزت العامين الأصعب فى تاريخها!.. ولكن بعد سلسلة من الاجتماعات السرية تم الإعلان عن تلك المفاجأة!.. أوتوماك وفورميلا علامة واحدة بعد سنوات التنافس الضارية!.

الدرس الذى سجله منظمو المعرضين بامتياز فى عالم الأعمال لا يكمن من وجهة نظرى فى اندماج الكيانين، بل فى توقيت الاندماج، فكما ذكرت كانت السوق قد تجاوزت بشكل من الأشكال أصعب فتراتها، وتمكن المعرضان من الثبات فى تلك الفترة، فقد أبرز توقيت الاندماج إصرار الإدارتين على العمل لصالح القطاع، وجمع جميع العارضين تحت سقف واحد فى معرض واحد فقط يحمل الخبرات الضخمة والمزايا التى يحتفظ بها كل فريق بشكل كامل، بذلك قدما دعما غير مسبوق للقطاع.

كنت أعتقد أن «أوتوماك ــ فورميلا» يعد نموذجا لكيفية الإدارة فى وقت الأزمات، ولكن ما اتضح لى أيضا أنه نموذج ممتد لكيفية تحقيق الاستفادة الكاملة لما بعد الأزمات.. فالشراكة مستمرة، تحمل عاما بعد عام مزيدا من النجاح والفائدة لسوقنا المحلية، «أوتوماك ــ فورميلا» أصبح بمثابة قبلة الحياة لقطاع السيارات فى مصر، المعرض يعتبر بدون مبالغة العامود الأساسى لهذه السوق، لهذا لم أكتب فى العنوان حكاية معرض، «أوتوماك – فورميلا» يتجاوز هذا الوصف لما يجسده من قصة نجاح واضحة و«فكر» لم نعاصر مثله فى سوقنا، الكيان الجديد ببساطة يمثل سوق السيارات، وقصته هى بشكل من الأشكال قصة سوقنا المحلية التى تدور حوله بشكل كامل.

أقل من 45 يوما تفصلنا عن الوقت الأمثل للشراء.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved