مغامرة عكاشة الإسرائيلية.. من الذى استخدمه؟!

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين

آخر تحديث: الإثنين 29 فبراير 2016 - 10:55 م بتوقيت القاهرة

يستحق النائب والإعلامى توفيق عكاشة كل النقد والغضب والهجوم الذى تعرض له بعد مغامرته الغريبة والسينمائية بمقابلة سفير الكيان الصهيونى فى القاهرة حاييم كورين يوم الخميس الماضى.

لن أتوقف عند كل ما كتب عن هذه الزيارة العجيبة، أو هرتلة عكاشة فيما قاله عن الزيارة منذ كانت فكرة ثم صارت واقعا مأساويا، طالب فيه إسرائيل بأن تتوسط بيننا وبين اثيوبيا، وأن تبنى لنا مدارس تعويضا عن مجزرة بحر البقر.

أجاهد نفسى أن أكتب بموضوعية فى كل المجالات تقريبا، مهما كان مقدار خلافى مع الموضوع أو الاشخاص، لكن فيما يخص تطبيع العلاقات مع الكيان الصهيونى، فلم أستطع ان أمرن نفسى وأعودها أن تكون موضوعية تماما.

لكن وبما أن عكاشة قد نالته كل الأوصاف التى يستحقها من المعارضين ومنها حذاء النائب المحترم كمال احمد، فلن أزيد عليها، وسأحاول ان أناقش مدخلا آخر موضوعيا ومهما للقضية لأنه من وجهة نظرى هو الأخطر.

للأسف غالبية من ناقشوا الامر ــ ولهم كل العذر ــ ناقشوه من زاوية انتقاد عكاشة فقط، وأخذوا هذا الإعلامى غريب الأطوار مآخذ الجد فى هذا الموضوع، فى حين انهم يتعاملون معه طوال الوقت باعتباره كوميديا أو مهرجا.

ليت عكاشة يكون هو صاحب فكرة استقبال السفير الصهيونى فى منزله بالدقهلية، وليته فعل ذلك من تلقاء نفسه ليلفت الأنظار، أو لأى سبب «طق فى دماغه». لو ان ذلك هو ما حدث فإن الأضرار ستكون قليلة نسبيا.

المشكلة الحقيقية تبدأ إذا كان هناك جهة ما هى التى طلبت من عكاشة أن يفعل ذلك.

البعض يقول ان عكاشة ومهما كان ماهرا وخبيرا فى «فن خلط وسوقان الهبل على الشيطنة»، فإنه لن يستطيع أن يفعل هذا الامر تحديدا إلا إذا كانت جهة ذات حيثية هى التى دفعته إلى ذلك، ربما لكى تجس به نبض الشارع المصرى حول مسألة السير للأمام ولو خطوة واحدة فى احياء عملية التطبيع المجمدة إلى حد كبير منذ زيارة أنور السادات للقدس فى نوفمبر ١٩٧٧ ثم توقيع اتفاقيات كامب ديفيد فى سبتمبر ١٩٧٨ وتوقيع اتفاقية السلام بين حكومتى البلدين فى مارس ١٩٧٩.

اعرف جيدا الفارق بين التمنى والواقع. التمنى والامل هو: ان يستمر الرفض العربى خصوصا الشعبى لزرع الكيان الصهيونى عنوة فى الجسد العربى المريض. وان تواصل قوى المجتمع المدنى المصرى والعربى مقاومتها للتطبيع مع عدوها الأول والأخطر. لكن الواقع الان يقول ان معظم البلدان العربية خصوصا فيما كان يعرف سابقا بدول الطوق حول فلسطين المحتلة منشغلة بحروب أهلية داخلها، ويتهددها مصير التقسيم على أسس طائفية ومذهبية وعرقية وجهوية.

الواقع يقول للأسف ان إسرائيل صارت أقرب إلى بعض البلدان العربية من دول عربية شقيقة، ومن لا يصدق عليه ان يرصد تفاصيل المواقف العربية من إسرائيل فى الأزمة السورية مثلا.

لمصر والأردن والسلطة الفلسطينية علاقات رسمية حتى لو كانت باردة مع إسرائيل، لكن غالبية البلدان العربية بما فيها الخليجية لديها علاقات مستترة، والمحزن ان البعض صار يتفاخر بذلك.

وما بين التمنى والواقع فالخوف أن يكون البعض قد «دفع» عكاشة دفعا ليرتكب فعلته المشينة، من احل حسابات أخشى أن تكون اوهاما من أجل الحصول على اثمان من قوى إقليمية ودولية فى قضايا مختلفة.

إذا كان ذلك صحيحا ــ ونتمنى ألا يكون كذلك ــ فعلى من «استخدموا» عكاشة ان يدركوا أن إسرائيل لا تصون عهدا حتى لو كان فى السر، وعليهم أن يفكروا ألف مرة فى أن إسرائيل تلعب مع كل أطراف الأزمة السورية حاليا، ينسقون مع روسيا ومع الخليج وأمريكا.. فاتعظوا يا أولى الألباب ولا تراهنوا على إسرائيل. ولا حول ولا قوة الا بالله.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved