عن تواصل الرئاسة مع الشباب

إيمان رجب
إيمان رجب

آخر تحديث: الإثنين 29 مايو 2017 - 10:30 م بتوقيت القاهرة

إنَّ تأمُل مستوى اهتمام مؤسسة الرئاسة بالتواصل المؤسسى مع الشباب، سواء من خلال البرنامج الرئاسى لتأهيل الشباب للقيادة أو عن طريق المؤتمرات الوطنية للشباب، يكشف عن أن هناك جيلًا من الشباب فى الفئة العمرية 30ــ40 سنة هى خارج الحسابات السياسية ولا يتم المراهنة عليهم.
فمن ناحية يَستبعد البرنامج الرئاسى منذ الإعلان عنه فى 2015 من هو فوق سن الثلاثين عامًا، وذات الوضع ينطبق بصورة كبيرة على المؤتمرات الوطنية للشباب، سواء مؤتمر شرم الشيخ 2016، أو مؤتمر أسوان 2017 أو مؤتمر الإسماعيلية 2017، حيث منحت الأولوية من واقع تحليل من شارك فعلا فى هذه المؤتمرات لشباب البرنامج الرئاسى أو الذين يعرفون اختصارًا بـ«شباب PLP»، ولبعض من يتم ترشيحهم من قبل وزارة الشباب والرياضة وغيرها من الوزارات.
والمتأمل للحراك الذى شهدته مصر طوال السنوات الماضية، يتبين له من ناحية أن جيل الشباب الذى ولد فى الثمانينيات، أى من هو عمره حاليًا فوق الثلاثين سنة له توجهات سياسية مختلطة، لا يمكن تصنيفها فى تصنيفات جامدة ويصعب تخوينه بالعبارات الدارجة هذه الأيام. وصحيح أن هذا الجيل فتح عينيه على عهد الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك، وجزء كبير من شخصية هذا الجيل تأثرت وتشكلت بسياسات مبارك الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، ولم يكن لديه متنفس للتعبير عن حبه لهذا الوطن بحرية إلا خلال المباريات الرياضية، إلا أن ذلك لا يعد سببًا للتعامل معه كما يتردد على أنه «موال لنظام مبارك» أو «محسوب عليه» حيث كان هذا الجيل الدينامو المحرك لثورة يناير 2011 بصور مختلفة والتى أسقطت نظام مبارك.
كما يصعب القول: أن هذا الجيل لم يتبن مواقف واضحة من جماعة الإخوان، فمع وصول الإخوان للسلطة كان القطاع العريض من هذا الجيل هو الأكثر تضررًا، حيث سعى للتصدى لمحاولات الأخونة بصورها المختلفة مستفيدًا من خبرته فى العمل العام، وتعرض لمحاولات لإقصائه واستبداله بجيل شبابى أصغر أكثر ولاء والذى استثمرت فيه الجماعة طويلًا وسعت لاستخدامه كأداة لإضفاء بعد شبابى على نظامها.
كما لا يمكن القول: إنه لم يتحرك فى ثورة يونيو 2013، فمع تزايد فشل الجماعة فى إدارة الدولة كان هو أول من نزل للشارع فى أحداث الاتحادية ديسمبر 2012 وفى المظاهرات التى تلتها، ثم كان المحرك لحركة تمرد، ثم كان العمود الفقرى لثورة 2013.
***
من ناحية أخرى، هناك من يرى أن هذا الجيل من الشباب ليس بحاجة لتأهيل، وبالتالى من الأفضل الاستثمار فى الفئة الأصغر سنًا، ولكن أصحاب هذا الرأى يتجاهلون معطيات الواقع والتى تفيد بأن تجاهل هذا الجيل سيرتب عليه مشكلة قد تتطور إلى أزمة سياسية فى الفترة المقبلة، فعلى سبيل المثال، يفوق عدد من تتراوح أعمارهم بين 30 و40 سنة 13 مليون نسمة وفق إحصائيات الجهاز المركزى للتعبئة والخاصة بالعام 2016، كما أنها هذه الفئة العمرية هى التى ترتفع بينها معدلات المشاركة السياسية، فوفق مسح القيم العالمى فى آخر إصدار له والخاص بالعام 2014، فإن نسبة 49.2%من هذه الفئة من الشباب فى مصر هم من يقومون بالتصويت بصورة منتظمة فى الانتخابات، بينما من تقل أعمارهم عن 30 سنة ترتفع بينهم نسبة العزوف التام عن التصويت فى أى انتخابات إلى 31.5%، وبالتالى هم يمثلون رأسمال سياسى لا يتم استثماره بصورة إيجابية من قبل مؤسسات الدولة.
إن تأكد الشعور لدى هذا الجيل من الشباب بأنه يتم تجاهله، وأنه «لا توجد فرصة له» للمشاركة فى عملية البناء التى تمر بها الدولة، سيكون له تداعيات سلبية متعددة، ومن المهم التحرك سريعًا للحيلولة دون ترسخ هذا الشعور. فهناك حاجة متزايدة للتواصل الإيجابى مع هذه الفئة من الشباب والعمل على الاستفادة منهم خلال الفترة المقبلة، وأقدم فى هذا المقال مقترحين من الممكن أن يساعدا فى ذلك.
المقترح الأول، هو تدشين برنامج آخر لصقل المهارات القيادية للشباب فى الفئة العمرية 30ــ40 سنة، مع الاهتمام بتصميم هذا البرنامج على نحو يتناسب مع نوعية القيادة الشبابية المطلوبة، وتطوير معايير أكثر تحديدًا من تلك المعمول بها فى البرنامج الرئاسى المنفذ حاليًا، والحرص على تشكيل أمانة فنية دائمة للبرنامج الجديد يكون أشخاصها معروفين لكل من يرغب فى التواصل معهم، وأن تعمل وفق معايير معلنة حول كيفية اختيار من يشارك فى البرنامج.
المقترح الثانى، هو وضع قاعدة «عدم احتكار» المشاركة فى المؤتمرات الشبابية التالية من قبل الفئات التى شاركت فى أى من المؤتمرات الثلاثة السابق ذكرها، أو اقتصار المشاركة فيه على فئة شباب البرنامج الرئاسى، وإلا ستتحول هذه المؤتمرات إلى ما يشبه التنظيم «غير المنظم». فمن المهم ضمان توسيع قاعدة القطاعات الشبابية التى تشارك فى هذا المؤتمر فى الأعوام التالية من خلال تطوير معايير محددة لمن يتم اختيارهم للمشاركة فيه وتخصيص كوتة مناسبة للفئات العمرية المختلفة للشباب تتناسب مع عددهم من إجمالى السكان، وذلك مع أهمية اشتراط عدم المشاركة فى السنوات الماضية.

 

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved