الناس زهقت

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين

آخر تحديث: الجمعة 29 نوفمبر 2013 - 8:00 ص بتوقيت القاهرة

«الناس زهقت» سمعت هذه العبارة عشرات المرات فى الأيام القليلة الماضية تعليقا على الحالة السياسية العامة فى البلاد.

لن أدخل فى جدل من هو المخطئ ومن هو المصيب.. فقط أركز اليوم على أن الناس طهقت فعلا، والمقصود بالناس هم غالبية المواطنين العاديين ولا أقصد بهم الناشطين أو المنتمين لأحزاب عقائدية أو حتى سياسية.

هؤلاء البسطاء ــ وهم الغالبية الساحقة من الشعب ــ عندما تقابلهم وتأتى سيرة الأحداث والتطورات الجارية والمظاهرات والاحتجاجات إما أن يبدأوا فى التبرم أو سب الجميع حكومة ومعارضة، الذين أوصلوهم إلى هذه الحالة المزرية.

غالبية هؤلاء خرجوا فى 25 يناير 2011 مطالبين بإسقاط مبارك ونظامه وتحقيق شعار الثورة «عيش حرية عدالة اجتماعية»، وتحملوا طويلا أن تبدأ الأهداف فى التحقق، وأن تتغير حياتهم إلى الأفضل، ثم فوجئوا بأن الذى سقط هو مبارك فقط وأن جماعة الإخوان سرقت الثورة كما قال جون كيرى وزير الخارجية الأمريكى قبل أيام رغم أن الذين تظاهروا واحتجوا لم يطالبوا بالدولة الدينية.

غالبية هؤلاء صوتوا لصالح مرشح الإخوان الرئاسى محمد مرسى لكنه خان وعوده وعهوده، فخرجوا يطالبون برحيله ونجحوا فى ذلك يوم 30 يونيو.

ومرة أخرى فإن هؤلاء كانت لديهم آمال عظيمة بأن الحياة ستصير أفضل. وعندما طالبهم الفريق أول عبدالفتاح السيسى بأن يفوضوه للقضاء على العنف والإرهاب، لم يترددوا ونزلوا بالملايين مرة أخرى وأعطوه ما أراد على أمل أن تتحسن حياتهم إلى الأفضل، أو على الأقل تعود إلى طبيعتها العادية.

ماذا يريد هؤلاء البسطاء؟

أحلامهم عادية، وهى أن يجدوا رزقا حلالا واستقرارا أمنيا، وحد أدنى من الأمل فى الغد خصوصا فيما يتعلق بصحتهم وتعليم أولادهم. لكن غالبية هؤلاء المواطنين يرون كل شىء فى البلد عالقا ومتوقفا ومصابا بالشلل، ويرون طبقة السياسيين تراوغهم فى حين أن غالبية النخبة تتغير بتغير الجالس على الكرسى، والذى كان يتمسح فى الإخوان صار ليبراليا، وبعض كارهى الإخوان صاروا أكثر تطرفا دينيا من الإخوان أنفسهم.

والنتيجة أن هؤلاء المواطنين البسطاء يوشكون على الكفر بكل هؤلاء السياسيين.

لا يدرك غالبية السياسيين وربما كلهم خطورة أن يصاب غالبية المواطنين بالزهق والطهق، والأخطر ان عددا من الناس بدأوا يتحدثون عن «ضرورة أن تقوم الدولة بقصف المتظاهرين بالطائرات وإبادتهم حتى تخلص منهم وتعود الحياة إلى طبيعتها».

قد تستفيد جماعة الإخوان من شيوع هذه الحالة لأنها سوف تصب فى النهاية فى مصلحتها باعتبار أن كل ما ينتقص من الحكومة الحالية سوف يكون مكسبا لها. لكن الخطورة أن تفاقم هذه الحالة قد يقود إلى نتائج وخيمة فيما يتعلق بالمستقبل.

من الخطورة بمكان أن نترك وزارة الداخلية لوحدها تضع القوانين التى قد تؤثر على المجتمع بأكمله كما حدث فى قانون التظاهر، والأكثر خطورة أن تترك الحكومة غالبية مواطنيها فريسة لحالة الزهق والطهق والملل وبالتالى الكفر بكل ما هو سياسى. 

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved