الطلبة الوافدون إلى الجامعات المصرية


قضايا تعليمية

آخر تحديث: الإثنين 30 يناير 2017 - 11:40 ص بتوقيت القاهرة

أود في بداية المقال توضيح المقصود بالوافدين، الوافدون هنا هم الطلبة الذين يأتون إلى الجامعات المصرية بغية تكملة التعلم في المراحل ما قبل وما بعد مرحلة البكالوريوس. وهنا أتحدث عن مرحلة ما بعد البكالوريوس أي مرحلة الدراسات العليا ( دراسات ودبلومات ثم ماجستير ودكتوراه ). فهناك بعض الحقائق التي تتصل بالموضوع والتي هي بحاجة للتوضيح:
أولها: أن الوافد يدفع مقابل تعليمه مصروفات بالعملة الأجنبية، ونحن في حاجة لتلك الأموال علما بأن ما يدفعه الوافد لدينا أقل مما يدفع فى البلاد الأوربية والأمريكية.

ثانيًا: يحتاج الطالب الوافد إلى تعليم جيد حتى يكون رسول خير ونماء فى بلده بعد عودته، بل وليكون سفيرا لمصر وجامعاتها بعد عودته حسب ما رآه واكتسبه وتعلمه.

أما الحقيقة الثالثة فهي أن الطالب الوافد له كل الحقوق وعليه كل الواجبات التى تطبق على الطالب المصرى.

رابعًا: يجب علينا أن نذلل للطالب العقبات والاداريات/الاجراءات المعطلة أحيانا، وهذا ما يجب أن نصنعه - من باب أولى - مع أولادنا أيضا.

خامسًا وأخيرًا: يجب ألا نتنازل عن أى معيار علمى نطبقه على طلابنا، بل ولابد وأن تنطبق عليه بما يتفق مع المعايير المحلية والدولية مقابل ما يدفع من أموال.

لكن الواقع يختلف كثيرًا مع ما تقدم:
فأولا: يتم تخطى كل الاداريات والمواعيد الموضوعة للدارسين المصريين؛ بمعنى أنه يحق للوافد أن يسجل فى أي توقيت حتى وإن كانت الدراسة قد أوشكت على الانتهاء، أو أن ميعاد التسجيل قد انتهى/ أقفل. قد يكون هذا مقبولا لتسهيل الاجراءات لكن هذا مالا نفعله مع الطلبة المصريين، وهو ما يعد تفرقة مقيتة ومذلة ومهينة للطلبة المصريين؛ حيث تضيع عليهم شهورا وسنوات أحيانا بسبب "الدولارات"!.

ثانيا: يمكننا أن نغض الطرف عن ما سبق بشرط معاملة الطالب المصري بالمثل، ولكن الأسوأ من ذلك أنه أحيانًا ما يتم تقديم تنازلات علمية بل وأخلاقية فى مقابل "الدولارات" وهذا ما يجب التصدى له بكل حزم وحسم. من هذه التنازلات:

1- التغاضى عن نسبة الحضور فى المحاضرات والمعامل.

2- التغاضي عن تقدير الطالب في البكالوريوس وذلك فى بعض الكليات التى تتطلب تقدير جيد –كشرط أساسي- حتى يمكن للطالب أن يسجل في الدراسات العليا، والذى بدون تحقيقه لا يمكن للطالب "المصري" تجاوزه " مثل كليات العلوم".

3- التساهل فى عملية البحث نفسها بل وبعض القيادات الجامعية تصدر توجيهات بضرورة التساهل معهم في التصحيح واعطائهم مالا يستحقون.

4- قد يتطوع بعض الزملاء من "أعضاء هيئة التدريس" لإنهاء الرسالة (ماجستير أو دكتوراه) فى وقت أقل مما ينبغى وبطريقة غير علمية بزعم أن هناك اتفاقيات بين البلدين توحى بأن الطالب له منحة لمدة سنتين، وبالتالي لابد وأن ننهى له مرحلة التمهيدي والرسالة خلال السنتين سواء أ أحسن الطالب أو لم يحسن .. أجاد أم عكس ذلك!!. وهذا خطر وعيب كبير وللأسف كل ذلك تحت زعم "هما عاوزين كده وعلشان خاطر الدولارات والإسترليني تتكلفت الرسائل". فى نفس الوقت يتعسف بعض أعضاء هيئة التدريس مع أبنائنا المصريين وأحيانا يطلبون منهم ما فوق طاقاتهم في العملى وفى النشر؛ أى تساهل هنا وتعنت هناك.

يترتب على هذه التجاوزات غير المقبولة بأية حال من الأحوال الآتى:

1- الوافد لا يتعلم بشكل جيد ويترتب على ذلك تجهيل له ولكل من يعلمهم أو يتعامل معهم؛ فهذا الطالب بدلا من أن نساعده على الرقى بمستواه وبمستوى من سيتولى تعليمهم نساعده على الجهل ونشره بين من يتعامل معهم.

2- تترك تلك الإجراءات عدم ثقة من هذا الطالب فى المؤسسات التعليمية المصرية وبالتالي سوف يكون سفير سوء بسبب أخلاق لا تليق بالمصريين.

3- سوف ينعكس ذلك على كل العاملين فى الخارج من المصريين حيث ستكون النظرة لهم على أنهم غير أمناء فى التدريس، بل وعلى أنهم يمكن أن يكونوا هم أيضا تعلموا بطريقة غير سليمة مما يترتب عليه الاستغناء عن العمالة المصرية واستقدام عمالة أخرى خاصة فى مجال التعليم، بل والتوصية بعدم الذهاب إلى تلك الجامعات غير الأمينة لمنح الشهادات العلمية كما هو حادث مع بعض الجامعات الآن؛ والذى من شأنه قفل باب للدولارات أوسع بكثير من الذى أخذناه منهم، بالاضافه إلى سوء السمعة واذلال للعمالة المصرية فى الخارج فضلا عن فقدنا للأمانة والسمعة الطيبة!.

•••

اتساءل هل يتم التعامل مع الوافدين المصريين فى دول أوروبا بهذا الشكل أم أننا ندفع الملايين ومن لا يستطيع الانتهاء من دراسته بحق فإنه يعود إلى بلده بعد انتهاء مدته الرسمية، أو أن يمكث على نفقته الخاصة حتى ينهى ما هو مطلوب منه؟ وهل يتم فى أى دولة عربية التنازل مع أى مصرى عن أى شرط يطبق على الطلبة من أبناء البلد؟ طبعا لا!

هل هناك صعوبة بالغة من أن نحتفظ بكرامتنا وسمعتنا ونعلم الطالب بما يرضى الله وطبقا للمعايير المتفق عليها داخليا ودوليا مع حصولنا على الدولارات؟

لو التزمنا بكل ما سبق لرزقنا الله من حيث لا نحتسب وجاء إلينا أضعاف الطلاب الذين يتعلمون بهذه الطريقة غير المقبولة. فنحن أوائل الحضارات التي علمت الدنيا شرقا وغربا فلا تجعلونا ومواطنينا فى الخارج والداخل نشعر بالخزي بل ساهموا فى رفعة بلدنا.

سعيد السيد عبد الغنى
أستاذ بكلية العلوم - جامعة بنها

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved