أسئلة «الناتو العربى»

خالد أبو بكر
خالد أبو بكر

آخر تحديث: الإثنين 30 مارس 2015 - 9:50 ص بتوقيت القاهرة

ما أشبه تلك الظروف التى دعت أوروبا الغربية والولايات المتحدة الأمريكية لتأسيس حلف شمال الأطلنطى (ناتو) عام 1949 بتلك التى دعت عددا من الدول العربية لتأسيس القوة العربية المشتركة، باعتبارها أهم مكاسب قمة شرم الشيخ؛ فإذا كان «الـناتو» قد تشكل نتيجة مخاوف أعضائه من تمدد الاتحاد السوفيتى وزحفه إلى بلدانهم فإن مخاوف العرب من التمدد الإيرانى المهدد لهويتهم قادتهم لتأسيس قوتهم المشتركة.

وإذا كان خروج الجيوش الأوروبية من الحرب العالمية الثانية منهكة ومثقلة بفواتير ضخمة من الدماء والعتاد والمال أدى إلى حالة انكشاف نسبية للأمن القومى لبلدان أوربا الغربية فى مواجهة العملاق السوفيتى الذى كان يحتفظ بأكثر من 200 فرقة عسكرية فى قمة الجاهزية ودفعهم دفعا إلى التوحد لمواجهة هذا الخطر المحدق بهم، فإن الأمر ذاته هو ما دفع العرب لتشكيل قوتهم المشتركة؛ بالنظر لانكشاف الأمن القومى العربى فى اللحظة الراهنة أمام قوى إقليمية لها مطامع واضحة فى الإقليم مثل: إيران وإسرائيل وتركيا، ناهيك عن خطر الإرهاب، بعد خروج جيوش عربية رئيسية من الخدمة مثل: الجيشين العراقى والسورى، وانهيار بلدان أخرى مثل ليبيا واليمن وانشغال مصر بمشكلاتها الداخلية التى أعقبت ثورة 25 يناير.

وهنا يأتى السؤال: هل هذا التشابه فى ظروف ولادة القوة العربية المشتركة مع الظروف التى واكبت ولادة «الـناتو» كفيل بأن يكون مصير المولود العربى من حيث القوة والتأثير مشابها للمولود الغربى؟

الإجابة عن هذا السؤال من الممكن أن تأتى بـ«نعم» فى ظل وجود معطيات على الأرض تجعل هذه التجربة فى العمل العربى المشترك قابلة للنجاح، لعل أهمها توافر الإرادة السياسية والسلاح والتمويل والكوادر العربية اللازمة لتشكيل هذه القوة، والأهم من ذلك كله الغياب النسبى لذلك الصراع المحموم على الزعامة والانفراد بالقيادة، الذى كان سببا رئيسا فى هزيمة العرب فى حرب فلسطين سنة 1948، وفى حرب يونيو سنة 1967، وفى خذلان السياسة للسلاح فى حرب أكتوبر سنة 1973، وذلك لإدراك قادة هذه اللحظة بأن حجم المخاطر التى تهدد بلدانهم لا يسمح لهم بترف البحث عن زعامة زائفة.

فرضية غياب صراع الزعامة ستدخل المختبر عند تشكيل القيادة العسكرية العليا لهذه القوة العربية المشتركة، وتحديد اتجاهات جهودها الرئيسية، وانتقاء الدول التى ستحتضن مراكز قيادتها، أو مناطق تمركزها إذا كان القرار بتجميع تشكيلاتها فى بلدان بعينها، عوضا عن بقاء قوات كل دولة على أراضيها والخروج منها لمناطق التجمع بمسرح العمليات المستهدف متى دعت الضرورة.

العنصر الأكثر أهمية على صعيد توفير فرص نجاح عالية للقوة العربية المشتركة هو التحديد الواضح والدقيق للأهداف الاستراتيجية منها؛ ذلك أن أحد أسباب هزائمنا المتكررة هو عدم وضوح الهدف الاستراتيجى من المعارك التى دخلناها سواء بإرادتنا أو رغما عنا، فلا خلاف على أن هذه القوة قد نشأت لمكافحة المطامع الإيرانية فى دول الخليج العربى ومحاولة اختراقها وتطويقها تمهيدا لابتلاعها، ناهيك عن مواجهة التنظيمات الإرهابية التى باتت تحتل مناطق فى المسرح العربى بحجم دول.

ولكن ماذا عن إسرائيل؟ فإذا كان المعلن عن مهمة هذه القوة المشتركة هو التصدى لأى محاولة للعدوان على أى بلد عربى.. فما موقف هذه القوة فى حالة إقدام إسرائيل على شن حرب على غزة أو التوسع غير المسبوق المرتقب للاستيطان فى القدس الشرقية والضفة الغربية أو اجتياح لبنان؟ وهل بمقدور قادة هذه القوة تحمل غضب المواطن العربى فى حال اللجوء لخيار الصمت؟

نتمنى أن تثمر المناقشات والتحضيرات لتدشين هذه القوة المشتركة عن إجابات لهذه الأسئلة وغيرها بما يضمن فاعلية وتأثيرا هذه القوة الوليدة التى ننتظرها منذ 65 عاما، عندما تم توقيع اتفاقية الدفاع العربى المشترك سنة 1950.

خالد أبو بكر
kaboubakr@shorouknews.com

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved