هذه الزيارة..

حسن المستكاوي
حسن المستكاوي

آخر تحديث: الأحد 30 أبريل 2017 - 9:15 م بتوقيت القاهرة

** توقف العالم عند مشهد العناق الودى المتبادل بين فضيلة الإمام الأكبر أحمد الطيب، شيخ الأزهر، وبين البابا فرنسيس الثانى، وقالت صحف: إن زيارة البابا لمشيخة الأزهر نقطة تحول فى العلاقة بين الفاتيكان والأزهر الشريف، مشيرة إلى أن البابا يسعى إلى ترسيخ روح المصالحة بين الأديان وتعزيز إدانة استخدام الله لتبرير أعمال العنف. وكانت كلمة الإمام الأكبر بليغة، ومعبرة، كما كانت أيضا كلمة البابا بليغة ومعبرة. والمعانى كلها واحدة. تجسد رسالة الأديان السماوية، وهى نشر الخير والسلام والمحبة..
** صحف أخرى قالت: إن الزيارة تحيى حوار الأديان، وتذيب الجليد بين الأزهر والفاتيكان.. والزيارة حققت نجاحا كبيرا، خاصة أنها جاءت فى وقت متاجرة متطرفين بالدين الإسلامى، وتلقف متطرفين فى الغرب للفكرة، وتعميمها على الإسلام.. بينما الإسلام دين سلام ومحبة وتسامح.. والزيارة لا يمكن اختصارها فقط فى إذابة الجليد.. ولا يمكن اختصارها فى أنها دعوة ودعاية للسياحة.. فما قاله البابا فى كلماته عن مصر كان تعبيرا عن نظرة العالم لأرض هى مهد الأديان السماوية ومهد الحضارة الإنسانية. ويكفى قول البابا عن مصر: إنها أم الدنيا وأن كل إنسان على الأرض يراها أرضا تخصه.. فقد منح الله سبحانه وتعالى مصر موقعا عبقريا، ومكانة دينية وتاريخية وحضارية.. وذكر اسمها فى الأديان السماوية.
** قيمة الزيارة أيضا أنها إضافة عظيمة على أحداث متنوعة، تضيف فى النهاية إلى مصر. ولا يمكن قطعا أن يكون صحيحا هذا الظن الساذج بأن السياحة ستعود، غدا، لمجرد أن بابا الفاتيكان قام بزيارة مصر. وليس صحيحا اختزال زيارة البابا فى أنها أكبر دليل على أن مصر بلد الأمن والأمان. لأنها بالفعل بلد الأمن والأمان قبل الزيارة وبعد الزيارة بشعبها المتحد، وبقواتها المسلحة وشرطتها ومؤسساتها التى تحمى البلد.. لكن الزيارة فى المقابل طرحت صورة جميلة لمصر بالتنظيم الرائع للحدث. وبالقداس الإلهى فى استاد 30 يونيو الذى حضره الآلاف. وبتلك اللقطات للأهرامات وبرج القاهرة والقلعة والتى نشرتها أيضا محطات تليفزيون عالمية.
** فى المعادى والزمالك أغلقت شوارع وميادين ورفعت سيارات الناس من الطرق، ولم يشكو إنسان واحد.. كان الشعور العام أن البابا ضيفا على المصريين وعلى مصر.. وأن أمنه وتأمينه يعد تأمينا لهم وللبلد.. كنا نراقب تحركاته وبرنامجه، ونحتفل بكل خطوة يقطعها.. وساعدت القوات المسلحة والشرطة فى عملية التأمين باحترافية عالية، فخرجت الزيارة فى مجملها كأنها احتفالية كبيرة.. وهنا الجزء المهم، وهو المعدن المصرى، الذى يظهر وقت الشدة، وطوال عمرى أتمنى ظهوره دائما دون انتظار لشدة. لكن فى هذا السياق، ومن خلال الشعور العام باحتضان المصريين للبابا خلال زيارته تجلت المشاعر الوطنية.. فقد كان هذا الشعور تجسيدا للشعور الوطنى الكامن عند المصريين.. وربما نحن من الشعوب الفريدة التى تتعامل مع بلدها وترابها وأرضها على أنها أم..
** تحيا مصر..

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved