ملاحظات على هامش المبادرة

أيمن الصياد
أيمن الصياد

آخر تحديث: الخميس 31 يناير 2013 - 5:55 م بتوقيت القاهرة

في محاولة الخروج من الأزمة شهدت الساحة السياسية على مدى اليومين الماضيين عددا من المبادرات لأصحاب رأي ورجال فكر، كان من بينها تلك التي طرحها الزميل أيمن الصياد. والقائمة على دستور مؤقت يعتمد على نصوص دستور ٧١ (مع إضافة تعديلات طارق البشري، وما يلزم من أحكام انتقالية) بهدف انهاء الاستقطاب حول التأسيسية والمأزق المترتب على الإعلان الدستوري الأخير، وهنا ملاحظات حول مبادرته.

 

إن أردنا توصيفا لبعض جوانب المشهد، فربما نجده يتلخص في الآتي:

١- رغم مايبدو على السطح، فحقيقة الأمر أن جوهر الأزمة ليس في الإعلان الدستوري الأخير في حد ذاته، وإنما في حالة الاستقطاب الحاد الذي ضرب أطناب المجتمع المصري، بغض النظر عن الأسباب التي أدت اليه (وفي هذا حديث يطول أشرنا اليه في مقال بالشروق قبل أسبوعين)٠

 

٢- أنه طبقا للديموقراطية التي نقول أننا نحترمها. وأحسبنا كذلك، والتي باسمها نرفض أي ثغول يسمح بالاستبداد، فعلينا الإقرار بأن لدينا رئيس "منتخب". وعليه فإن أي كلام أو اقتراحات أو مطالبات هي تدور بالتأكيد خارج هذه الدائرة.

 

٣- أن المصريين الذين خرجوا الى الميادين في هذا الثلاثاء الغاضب، لم يخرجوا استجابة لالتزام حزبي، أو بتعليمات من جماعة هم أعضاؤها، وإنما قلقا على ثورة تصوروا أنها قد تضيع. ومن القلب من هذه الثورة ما جسدته يوما ما في شعار "يد واحدة". ولذلك كانت حركتهم "العفوية" تأكيدا على حقيقة أنهم جميعا "شركاء" في بناء مستقبل هذا الوطن: "يدا واحدة".

 

٤- أن المستفيد الوحيد مما يجري الآن، هم الذين يحاولون إعادة انتاج النظام القديم، بعد أن كان قد بدا أن البعض قد جنح "بجموحه" بعيدا عن المياه الهادئة التي هي طبيعة شعبنا الطيب. وبعد أن غفل البعض للأسف عن خطورة أن يؤدي الاستقطاب بين "رفاق الميدان" الى أن ينتهز الآخرون الفرصة فيقفز ون داخله.

 

٥- أن التاريخ، كما تعلم دارسوه، لا يكرر نفسه حرفيا أبدا. خاصة إذا تغيرت قواعده وسياقاته "وشخوصه". وعليه فإن استدعاء ماجرى في ١٥ مايو ١٩٧١، وقبله ما وقع في ١٩٥٤ أو ١٩٦٩، يحتاج الى شيء من الحذر.

 

٦- أن مشاهد الأيام الثمانية عشرة (٢٥ يناير - ١١ فبراير ٢٠١١) قد استقرت في الذاكرة الجمعية للمصريين، وخاصة الهتاف الأعلى صوتًا " الشعب يريد إسقاط النظام"، والذي يبقى ملمحه الرئيس في الوعي الجمعي للمصريين متمثلا في في استئثار "فريق ورئيس" بالسلطة، وإقصاء الآخرين. وهو الآمر الذي أصبح لدى المصريين بعد يناير وبسببه "حساسية" خاصة تجاه أي نسائم تحمل تلك الرائحة.

 

٧- إذا كنا نتفق ونعرف أن هناك تحديات كبرى، إن على صعيد الوضع الاقتصادي أو حتى الأمن القومي. فالمحكمة تقول أن السلاح الأول لمواجهة هكذا تحديات يتمثل في "وحدة الجبهة الداخلية".. ولهذا معناه ومفهومه .. واستحقاقاته.

وبعد ففي هذا السياق، تأتي المبادرات التي قد لا تكون متطابقة، ولا ينبغي أن تكون. ولكنها تتفق جميعا على منهجية الرجوع الى الشعب؛ صاحب السلطة الأولى والأخيرة. سواء وجد بعضها الحل في استفتاء على الاعلان الدستوري ذاته، أو اتجه بعضها الآخر "الى الأمام" باعتماد دستور جديد "مؤقت" يقوم على نصوص دستور ٧١ المعطل (مع التعديلات التي أدخلت عليه) وأستفتي عليها الشعب في مارس ٢٠١١ في أول مشهد "ديموقراطي" لما جرى في ٢٥ يناير. ومن ثم الدعوة الى الاستفتاء على هذا الدستور الجديد، لنتمكن بعدها مباشرة من استكمال مؤسسات الدولة التشريعية. ثم نفرغ للبناء ومواجهة تحديات كبرى، لا بد أن نواجهها جميعا "يدا واحدة"

 

أما عن الدستور الدائم والذي آتفهم رغبتنا جميعا في كتابته معبرا عن عصر جديد وواقع جديد، فيآتي وقته لا حقا. بعد أن تكون الأوضاع استقرت وعاد المصريون كما كانوا عشية الحادي عشر من يناير ٢٠١١ "يدا واحدة.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved