العلاج من (فوبيا الإسلاميين)

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين

آخر تحديث: الأحد 31 يوليه 2011 - 8:24 ص بتوقيت القاهرة

 بمجرد أن امتلأ ميدان التحرير وفاض بالمتظاهرين من أنصار التيارات الدينية أمس الأول الجمعة، اتصل بى زميل ــ كان يجاهد منذ 11 فبراير الماضى فى إخفاء حزنه على رحيل مبارك، ونجاح الثورة ــ قائلا: «شفت يا عم.. آدى آخرة ثورتكم، وآخرة الديمقراطية.. هنيئا لكم حكم الإسلاميين والعسكر».

هذا الزميل فوجئ أننى أقول له إن عملية «استعراض العضلات» للتيار الدينى فى الميدان حق طبيعى لهم طالما قبلنا بقواعد اللعبة الديمقراطية.

الزميل المتصل ليس مجرد فرد، بل هو يعبر عن تيار يتسع، وأغلب الظن أن مخاوفه وظنونه وهواجسه، سوف تسيطر على كل المصابين بمرض «فوبيا الإسلاميين» من الآن وحتى أيام طويلة مقبلة.

لست إخوانيا ولا سلفيا وأعبد الله بالطريقة التى يعبده بها معظم المصريين لكننى ينبغى علىّ وعلى غيرى إذا كنا نؤمن فعلا بالديمقراطية أن نحترم حق التيار الدينى وكل تيار آخر فى الحشد والتنظيم والتظاهر والإضراب، وكل ما نجيزه لأنفسنا وإلا وقعنا فى نفس الخطأ الكارثى الذى ارتكبه نظام حسنى مبارك.

وليس ديمقراطيا أن نرى فى مظاهرات 6 أبريل وكفاية والتيارات اليسارية دليلا على الوطنية والثورية فى حين نصنف أى تظاهرة للإسلاميين باعتبارها «دليلا على انتشار وتمدد الظلامية والظلاميين».

بطبيعة الحال لست مع معظم ما يطرحه أنصار تيار الإسلام السياسى من شعارات تتحدث عن عموميات وتغفل البرامج المحددة وتقصى الآخر، لكن علينا أن نقر بحقهم فى التظاهر والعمل السياسى.

أنصار مبارك يرون فى حشد الإسلاميين دليلا على صحة موقف «كبيرهم» الذى أطلق شعاره الشهير «أنا أو الفوضى»..وبقية القوى السياسية التى شاركت فى إسقاط مبارك ترى فيما فعله الإسلاميون غدرا وخيانة وتراجعا عن تعهدات بعدم رفع شعارات دينية.

وإلى الذين يرون أن ثورة 25 يناير ارتكبت عملا جنونيا بإحضار عفريت «المتطرفين الدينيين» إلى سطح الواقع، نقول لهم إن هؤلاء الإسلاميين حتى ولو كانوا متطرفين فهم مواطنون مصريون يحق لهم اعتقاد وتبنى ما يشاءون من أفكار شرط أن تكون فى إطار الديمقراطية وسيادة القانون.

ثم إنهم كانوا موجودين أيام مبارك تحت الأرض، والثورة لم تستحدثهم من العدم، ولا يوجد حل إلا بإدماجهم فى العملية الديمقراطية، وفى كل الأحوال علينا أن نجربهم.. إما أن ينجحوا مثلما حدث فى تركيا ويكسبهم المجتمع، أو يفشلوا فينتخب الشعب غيرهم.

أما رفع شعارات دينية فى المليونية فعمل أخرق، لكنه كان سيتم فى كل الأحوال، إن لم يكن هذه الجمعة، ففى غيرها... الانفصال بين القوى الدينية وبقية القوى السياسية حدث بالفعل منذ أسابيع طويلة.

وعلينا إذا كنا جادين أن نبحث عن طريقة محترمة للحوار وتنظيم الاختلاف فى قنوات مشروعة، حتى لا نفشل جميعا ولا يستفيد من الفشل إلا بقايا نظام مبارك وكل المتربصين بالثورة.

لو كانت القوى التى تدعى أنها تمثل الشعب جادة لوجب عليها أن تنزل الشارع وتقنع المواطنين بخطورة السير وراء الأفكار العمومية للتيار الإسلامى، والأهم أن تقنعهم ببرامجها.

وعليها أيضا أن تركز على القضايا الجوهرية بشأن المستقبل بدلا من الانشغال بمعارك فرعية فى الفضائيات.

بعض قادة هذه الحركات والأحزاب يحتاجون علاجا نفسيا لأنهم تسببوا فى وصولنا إلى هذا المشهد الملتبس عبر طريقتهم فى إدارة الأمور.

الصراخ والانفعال والحماس يجوز فى مظاهرة، لكنه لا يفلح فى إدارة العملية السياسية وشئون الوطن.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved