كيف تنجح القوى المدنية فى الانتخابات؟

مصطفى النجار
مصطفى النجار

آخر تحديث: الجمعة 31 أغسطس 2012 - 8:40 ص بتوقيت القاهرة

تجارب بناء التحالفات السياسية والانتخابية على مستوى العالم كله تحتاج للخيال وكسر النماذج النمطية للتحالف وتجاوز الخلافات التاريخية بين هذه القوى المختلفة.

 

ونبدأ بأسباب فشل تجارب التحالفات لكى لا نكررها، حيث كان أبرزها إساءة كل حزب فى تحديد وزنه النسبى وتضخم الذات لدى هذه الكيانات وكذلك الاشخاص، ورغبة كل حزب فى الاستحواذ والسيطرة على نصيب الأسد فى دوائر الترشح وترتيب القوائم، وكذلك المشاكل الشخصية بين قيادات هذه الأحزاب والتى انعكس كثيرا منها على امكانية بناء التحالف، بالإضافة إلى عدم قراءة المشهد السياسى ودوافع التصويت لدى الناخبين وتخبط غالبية الأحزاب المدنية فى تحديد هويتها السياسية وعرض بضاعتها التى تجذب بها أصوات الناخبين.

 

•••

 

لذلك علينا أولا: أن نقرأ بيئة العمل أو الانتخابات التى سنخوضها وكذلك محددات التصويت.نحن فى بيئة سياسية محتقنة، لكنها فى نفس الوقت منهكة وفرص حماس الجمهور للمشاركة أقل من الانتخابات الماضية، أما محددات التصويت التى ستحكم اختياره هذه المرة مختلفة تماما فقد تجاوزت غالبية الشرائح التصويتية ثنائية الثوار والفلول وكذلك ثنائية الدولة المدنية والدولة الدينية نسبيا.

 

حالة الإنهاك العام صارت ترفض استراتيجيات الهجوم السلبى المجرد التى تهدف للنيل من الخصوم السياسيين دون تقديم بديل ايجابى، لذلك فإن اعتماد الأحزاب المدنية على أن محدد اختيار الجماهير الاساسى لهم هو رفض هذه الجماهير للاخوان،هو محدد غير سليم واذا اعتمدت عليه القوى المدنية فإنها ستدفع ثمنا غاليا يتمثل فى خسارة فادحة.

 

إن رجل الشارع البسيط الذى لا يحب الإخوان قد مل من صراخ النخب المدنية المستمر ورفضها لكل ما يفعله الإخوان ــ بسبب وبدون سبب. وكما هو يرفض التصويت للإخوان فإنه لن يصوت لهذه الأحزاب المدنية التى لا تقدم نفسها له إلا باعتبارها ضد الإخوان فقط، الناس اليوم مع تصاعد انهيار الخدمات الأساسية من كهرباء ومياه ونظافة، وكذلك تدنى الأوضاع الاقتصادية وغيرها صارت تبحث عمن ينقذها من هذا الانهيار الذى أفسد حياتها، ولذلك هى تحتاج لبرامج وخطط وحلول تظهر ويتم الترويج لها على أيدى رموز تثق فيها هذه الجماهير وفى قدرتها على تحقيق هذه الوعود لتغيير حياتهم للأفضل.

 

ثانيا: ضبط الخطاب السياسى وإبعاد عناصر التفجير الذاتى ــ وهم اشخاص معروفون لكل من يعمل بالسياسة، وبناء الماكينة التنظيمية الانتخابية التى تستطيع دعم المرشحين والترويج لهم، وإدارة يوم الانتخاب الذى تمثل إدارته أصعب وأخطر حلقات إدارة الحملة الانتخابية.

 

ثالثا: حسن اختيار المرشحين الذين يسهل الترويج لهم والذين يستطيعون خوض معركة انتخابية حقيقية بما لديهم من رصيد سابق لدى الجماهير، ومهما كانت البرامج الانتخابية مميزة فانها بدون من يحملها ويعبر عنها بمصداقيته وحسن أدائه لن تجد طريقا لقلوب الناس، علينا أن نعترف أن الجماهير فى مصر تختار الشخص قبل الفكرة.

 

رابعا: توفير مصادر تمويل داعمة مع تأمين هذا التمويل وضمان استمراريته فى جميع مراحل العملية الانتخابية، وكذلك ابتكار وسائل للتمويل الأهلى ومساهمة الناس فى دعم المرشحين.

 

•••

 

وحتى تسهل عملية بناء التحالف الانتخابى الواسع الذى يستطيع تقديم مرشحين فى كل الدوائر لا بد من ظهور أنوية سياسية تتجمع معا لبناء التحالف المنشود، يمكننا تقسيم هذه الأنوية إلى أربعة مجموعات، الأولى: الكتلة الوسطية ويمثلها حزب مصر القوية (عبدالمنعم أبوالفتوح) والوسط وأحزاب وسطية أخرى مثل الحضارة ومصر المستقبل الذى يؤسسه عمرو خالد، الثانية الكتلة الليبرالية الجديدة: ويمثلها حزب الدستور (البرادعى) والمصريين الأحرار والديمقراطى الاجتماعى والعدل ومصر الحرية، الثالثة: الكتلة الليبرالية القديمة ممثلة فى حزب الوفد، الرابعة: الكتلة اليسارية ــ القومية ويمثلها التيار الشعبى (حمدين صباحى) وأحزاب مثل التحالف الشعبى والكرامة.

 

قد يرى البعض استحالة حدوث هذا التحالف لما بين بعض أطرافه من اختلافات عميقة، ولكن التحالفات الانتخابية لا تعنى بالضرورة التوافق الكامل على كل القضايا ولا تعنى ذوبان أحد الأطراف فى الآخر، إنها تعنى التوافق على عدة قضايا أساسية تخص المرحلة التى يبنى فيها هذا التحالف وتستفيد كل هذه الأطراف من تجميع قوتها ومواردها لحصد مقاعد ونتائج انتخابية تقربها من سدة الحكم وتنفيذ مشاريعها.

 

قد يكون هناك تحفظ لدى بعض الليبراليين على التحالف مع قوى محافظة نسبيا مثل الأحزاب الوسطية المذكورة ونفس التحفظ قد يكون موجودا لدى الطرف الآخر، ولكن الحقيقة أن الطرفين بحاجة شديدة لبعضهما البعض لتحدث حالة الاستدفاء السياسى بين طرفين سيكون من السهل الطعن على كليهما انتخابيا إذا خاض الانتخابات منفردا، سيساعد وجود الأحزاب الوسطية المحافظة على إفشال لعبة الاستقطاب الدينى وسيساعد وجود الأحزاب الليبرالية على طرد حالة الخوف والتوجس من تشدد أو محافظة الأحزاب الوسطية.

 

كما أن ضم أكبر عدد من المستقلين والحركات الشبابية الفاعلة ومؤسسات المجتمع المدنى لتكون فى خلفية المشهد السياسى لهذا التحالف ستضيف له الكثير. وقد تكون هذه المدخلات ذات تأثير وامتداد شعبى أقوى من الأحزاب.

 

تستطيع القوى المدنية النزول بعدد 200 شخصية عامة معروفة اعلاميا ويسهل الترويج لها لتخوض معركة الفردى ورءوس القوائم. وتكون الدفعة الثانية من المرشحين من الرموز المعروفة محليا فى دوائرها ومن وجوه شبابية جديدة يتم تقديمها للمجتمع. أما الدفعة الثالثة فيجب ألا تقل عن 100 سيدة وشابة يتم الدفع بهن فى مراكز متقدمة بالقوائم.

 

•••

 

إنكار الذات والتراجع عن تضخم الأنا وتغليب المصلحة العامة على المصلحة الحزبية والشخصية مفتاح النجاح الذى سيفتح الباب لإعادة تشكيل المشهد السياسى فى مصر، فهل سنفعلها؟

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved