ألمظ وعبده الحامولي
محمود قاسم
آخر تحديث:
الجمعة 31 ديسمبر 2021 - 10:20 م
بتوقيت القاهرة
الهدف من كتابة هذه الحلقات هو البحث عن الأفلام المجهولة فى تاريخ السينما، وأن تتمكن الأجيال الجديدة من مشاهدتها، والتعرف عليها باعتبار أن اليوتيوب صار يتيح لنا مشاهدتها، حسبما ووقتما نريد، وأنا لا أتصور بالطبع أن فيلم «ألمظ وعبده الحامولى» لحلمى رفلة 1962 يدخل ضمن هذا الاطار، هو يعرض بشكل متكرر، وهو فيلم لطيف ملىء بأغنيات وردة، وعادل مأمون، لكننى متأكد تماما أن الناس لم تشاهده؛ لأن الحقائق التى ذكرها الفيلم، الذى ينتمى فى المقام الأول إلى الفيلم التاريخى، كل هذه الوقائع ليست صحيحة، وأنا أتكلم باعتبارى شاهدت الفيلم للمرة الأولى وأنا فى بدايات سن الصبا، وأن عام 1962 كان يمثل فترة لتشويه جميع حكام مصر السابقين خاصة أسرة محمد على، وقد رأيت حسين رياض يؤدى دور أفندينا زير نساء، وهو المفروض أنه حاكم مصر الذى ملأها بالإنجازات والمشاريع العظيمة، والمثير للاستنكار أن حسين رياض جسد شخصية الرجل الثرى الذى يعشق النساء خاصة شفيقة القبطية فى فيلم يحمل اسم الراقصة فى الفترة نفسها، كما أن هناك أفلاما عديدة ومسرحيات ومسلسلات، تشير إلى أن أفندينا فى تلك الفترة كان يضع النساء فى أولوية اهتماماته، وأنه يضع أجساد النساء فى المقام الأول قبل السياسة والحكم، مثلما رأينا فى فيلم «شفيقة ومتولى» ومسرحية «سيدتى الجميلة» ومسلسل «بوابة الحلوانى».
بالنسبة للخديو إسماعيل فإن أسمهان أوسعته مديحا لإنجازاته الكبرى من أجل مصر، فى فيلم«غرام وانتقام» ليوسف وهبى 1944، وكان جيلنا قد تشبع بما فيه الكفاية من معلومات مغلوطة فى كتب المدرسة، حتى تعددت القراءات وتنوعت، وشاهدت فى الفترة الاخيرة الكثير من الحلقات التلفزيونية الوثائقية عن «حكاية وطن»، وكان من المهم أن ننبه الناس أن السينما تتعدى حدود التسلية، وأنك يجب أن تجهز المراجع عقب مشاهدة مثل هذه الأفلام حتى تتلقى الفن ويمكنك فرزه، وللأسف فإن بيننا وبين الستينيات ستين عاما، وأن الآلاف ممن شاهدوا الفيلم لا يعرفون شيئا عن إنجازات أسرة محمد على، ولا يعرفون أن ابنه الخديو توفيق قد سدد ديون مصر من أموال الاسرة الحاكمة، وليس من مصدر آخر.
إنه السم فى العسل، سم بطىء المفعول، وأرى انه يجب معرفة الكثير من الحقائق عن أفلامنا التاريخية، مثل ماذا فعل الظاهر بيبرس بالسلطان سبف الدين قطز عقب انتصار عين جالوت.
المشكلة أن الاجيال لا تعرف سوى أن الحقيقة هى التى ذكرها الفيلم، ولا يعلم أحد بالمرة أن أوبريت الأسرة العلوية قد تم إخفاؤه منذ ستين عاما، وأن التكرار عبر الاعمال الفنية فى فترات زمنية قد اعتمدت أن رجال الاسرة العلوية كانوا من عشاق العلاقات المحرمة نسويا، وأن أمجاد قرن ونصف من الزمان المصرى كان يتم فى مخادع الحريم، فإذا كانت هناك إشارة فى الفيلم أن عبده الحامولى قضى على المستقبل الفنى لزوجته أن تزوجها كى يمنعها من الغناء، فإن الفيلم لم يتوقف كثيرا عند مصير الفنان الرجعى فى افكاره، وشاهدناه هنا وسط الثوار الذى اسقطوا افندينا وصار زعيما لهم، وهذا أمر لم يحدث فى الواقع.
أكتب هذا المقال فقط بهدف التركيز أن افلاما كثيرة صدقناها ينطبق عليها مقولة «هذا الفيلم به سم قاتل للحقيقة».