وظائف الأزهر (1) - جمال قطب - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 12:48 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

وظائف الأزهر (1)

نشر فى : الجمعة 1 فبراير 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : الجمعة 1 فبراير 2013 - 8:00 ص

كلما ثارت الأزمات تسأل الناس عن الأزهر، أين هو؟ لماذا سكت؟ ماذا عساه أن يقول إذا تكلم؟ إلى غير ذلك من الأسئلة التى لا تنتهى، ولا تجد لها إجابات شافية. فهل طبيعة الأزهر تنحصر فى المشاركة فى إدارة الأزمات إذا حدثت وحسب؟ أم أن للأزهر رسالة كبرى تترتب عليها وظائف متعددة كل وظيفة تضم أدوارا لا غنى للأمة ولا للأفراد عنها؟ وإذا كان للأزهر رسالة فما هى؟


-1-

رسالة الأزهر هى «رسالة الإسلام» تلك الرسالة العليا والعامة، فلا تعلوها رسالة، ولا يحرم منها أى جزء من أجزاء الكون، يابسه وماءه وفضاءه إذ هى رسالة «رب العالمين لجميع العالمين»، فلا يكتنزها قوم، ولا تحجب عن شعب، ولا تبتعد آثارها عن أحد من المخلوقات. وقد عبر القرآن الكريم عن المدى المقدر للإسلام أن يبلغه، وأن يؤثر فيه وأن يغيره إلى أسعد حال فقال تعالى (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَة لِلْعَالَمِينَ) كذلك قال (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّة لِلنَّاسِ بَشِيرا وَنَذِيرا..) أى أن جميع البشر دون استثناء أصحاب حق فى قراءة هذه الرسالة أو الاستماع إليها، ثم هم جميعا أحرار فى اختيار مواقفهم تجاه تلك الرسالة بالإيجاب أم بالسلب (..فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ..) وأمامنا نداء الرسول (صلى الله عليه وسلم) للبشر كلهم (قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّى رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعا..) فكيف يستطيع الأزهر أن يوصل هذا النداء النبوى العام لكل الناس؟.

 

كل الناس «شعوبا وأمما» تختلف ألسنتها، فلكل قوم لغتهم وفى كل أمة تتعدد القدرات والمستويات العقلية وتتعدد الأعمار، وتتفاوت القدرة على الاستيعاب، فكيف تصل هذه الرسالة إلى الجميع؟ يتصور البعض وصول الرسالة إلى الجميع من خلال المنبر وخطبة الجمعة، أو دروس الوعظ، أو من خلال بث نصوص القرآن والسنة من الفضائيات باللغة العربية أو باللغات الأخرى.. وإذا كانت هذه الأنشطة محمودة مشكورة فقد أصبحت قاصرة عن الوصول إلى العديد من الناس مِن مَن ينطقون العربية، فكيف بسائر الشعوب غير العربية؟

 

-2-

 

إن الله جل جلاله قد انعم على خلقه فألهمهم تحديث وسائل الاتصال، فها هى القصص والعبر والعظات، والمبادئ والمقاصد قد اتخذت أساليب جديدة فى الوصول إلى الناس، فبعد ان كانت القصة تتلى من القارئ تحولت نصا مكتوبا ممزوجا بأدوات المؤلفين فإذا هى أمام الناس كتابات متعددة الأشكال، من الأقصوصة إلى الرواية إلى المسرحية إلى «المسرواية»، ثم تقدمت الدنيا فإذا المكتوب تتناوله صناعة السينما والمسرح فتصل إلى قلوب وعقول من يقرأ ومن لا يقرأ، وإذا التفاعل والتواصل حول «أفلام السينما» أو «عروض المسرحيات» أو مسلسلات التليفزيون هذا التواصل يصنع رأيا عاما، ويصل تأثيره إلى أعماق النفس البشرية وقد كان لفيلم «عمر المختار» و«الرسالة» من الأثر ما نقل الدعوة الإسلامية إلى آفاق لم تصلها من قبل.. فأين جهود مؤسسات الدعوة للوصول إلى قلوب وعقول مليارات البشر الذين لهم حق فى أن تصلهم رسالة السماء، وهم فى أماكنهم لا يضطرون للهجرة أو لتعلم لغة أخرى، فإذا لم يجدوا فالذنب ذنب هؤلاء الغافلين عما كلفهم الله به كيف يصنعونه.

 

-3-

 

وقد أسرعت اليوم بالإشارة إلى هذا البند من بنود «بث الدعوة وتوصيلها» باعتباره الجانب الأيسر من جوانب «العملية الدعوية»، فليست الدعوة مجرد ألفاظ تتلى، أو أوقات تشغل، بل إن للدعوة مراحل أبرزها «إعداد الخطاب»، و«إعداد حملة الخطاب»، و«استخدام الأدوات» الكفيلة بتوصيل الخطاب الدعوى إلى جميع شرائح المجتمع، فى الوقت الملائم لها وبالوسيلة المحببة إليهم والأكثر تأثيرا أو تحقيقا للغاية المنشودة. ولو كان الأزهر يؤدى ما عليه ما كان حال مجتمعنا كما نعايشه، وقد تشرذمت الامة إلى شراذم ليس بينهم واحدة تمتلك الحقيقة بل الكل بلا استثناء يدعيها وينصب نفسه محاميا عنها وحارسا عليها، فترى الجميع خبراء، وفقهاء، ومصادر مطلعة، واستراتيجيين إلى آخر هذه السلسلة من المصطلحات التى فرغت من مضامينها، وابتذلها الأدعياء كل منهم يرى نفسه أولى بالانفراد بالرأى، أو الاستعلاء بما أتاحته له الظروف من التأثير على شعب طال ليله واشتدت ظلماته وأرهقته الثورة، وحتى الآن لم يجد للخروج سبيلا. 

جمال قطب   رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر الشريف
التعليقات