سيناء.. الصباغ - حسام السكرى - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 12:18 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

سيناء.. الصباغ

نشر فى : الأحد 1 فبراير 2015 - 7:50 ص | آخر تحديث : الأحد 1 فبراير 2015 - 7:50 ص

صورتها فى اللحظات الأخيرة أيقونة بصرية حزينة. واقفة بالكاد، بعد أن استقبلت زخة من طلقات الخرطوش هتكت رئتيها وقلبها. دماؤها متناثرة على الشعر والملابس، عيناها واهنتان محدقتان فى الفراغ، والدم يسيل من ثقبين فى الخد النضير. هناك فى الميدان، طعنت من الخلف، وعندما تأوهت لم يسمعها أحد. تاهت صرختها وسط صيحات القوة الأمنية المحتشدة.. «اضرب.. اضرب..»

يختلط دمها برمال سيناء، الجريحة النازفة. تتماهى مع الوطن. تتلاشى صورتها لتفسح مكانا لصور ضحايا الإرهاب.. عذرا شيماء.. الوطن يئن.. مزيد من القتلى.. مزيد من الضحايا.. مزيد من الدماء.. الدم يسيل.. الدم كله مصرى.

قبل يوم واحد من ضربة الغدر التى نالت من سيناء نقلت الوول ستريت جورنال عن خبير استراتيجى قوله: «إن العمليات الأخيرة فى سيناء إضافة إلى عمل منطقة عازلة على الحدود لوقف تهريب الأسلحة من غزة، كان من نتيجتها تحسن الوضع الأمنى هناك. ربما نرى بعض المشكلات لفترة من الوقت لكن سيناء أكثر استقرارا عن ذى قبل».

هل يمكن بعد الاستهداف المتزامن لعدد من المواقع الحيوية والحساسة للجيش المصرى أن نعتبر أن هناك بالفعل «تحسنا للوضع الأمنى»؟ هل يمكن وصف الضربات التى حدثت، والضحايا الذين سقطوا فى إطار حدوث «بعض المشكلات لفترة من الوقت»؟ أم أن الوقت قد حان لإعادة النظر فى الحل الأمنى بكامله؟

من المهم فى وقت الأزمة أن نرفع لواء الوطنية. أن نعلن وقوفنا وراء جنود الجيش البواسل وأفراد الشرطة الشرفاء فى معركتهم الدامية ضد الإرهاب والتطرف. ولكن الأهم هو ألا يفقدنا الخوف من سيوف الدواعش وقنابل المتطرفين قدرتنا على التفكير العقلانى، وألا يدفعنا الخوف من المجهول إلى ارتكاب المزيد من الأفعال التى تذكى نار الفتنة، وتخدم التطرف، وتدفعنا نحو ذلك المجهول.

تأمين الجبهة الداخلية ودعم صلابتها، هو أهم عناصر النجاح فى المعركة ضد الإرهاب. وهذه المعركة ليست مسوغا للتعذيب، أو لمزيد من الاعتقالات العشوائية، أو لإهدار كرامة المواطنين، أو للبطش بالبشر، سواء فى سيناء أو فى قلب القاهرة.

مواجهة ثغور التطرف وجماعات الإرهاب بقوة وحسم، لا تتناقض مع ضبط العلاقة مع المعارضين والشباب، ومع إعادة النظر فى تعاملنا مع سيناء وأهلها. كلها معادلة واحدة وكلها تصب فى الاتجاه نفسه. كلما ساد العدل ازدادت الجبهة الداخلية صلابة. وكلما زاد الظلم والبطش تحسنت فرص استقطاب المظلومين والمقموعين إلى حاضنات التطرف والنقمة.

صورة شيماء وهى تنزف حتى الموت صادمة. والتصريحات التى صدرت تباعا عن تحقيقات تعلن نتائجها فى أيام وتعد بتسليم القاتل مهما كان وضعه، تبخرت ولم تسفر عن شىء. والأنكى أن بعض شهود الواقعة عوملوا كمجرمين، وتحولوا إلى متهمين، عندما حاولوا مساعدة العدالة.

الإرهاب هو المستفيد الوحيد من ادعاء وجود تناقض بين حماية الوطن من جهة وحماية المواطن من البطش والانتهاك من جهة أخرى. وإذا أردنا خدمة التطرف والمتطرفين، فعلينا أن نستمر فى الترويج لفكرة أن انتهاك حقوق الإنسان، نتيجة طبيعية، أو عابرة، أو متوقعة، لجهود حماية الوطن.

اضربوا الإرهاب ولكن لا تنسوا أن الوطن حضن. احضنوا الشعب.

احضنوا شيماء، واحضنوا سيناء الصباغ.

التعليقات