هل ستوقف المقاطعة الأخونة؟ - مصطفى النجار - بوابة الشروق
الثلاثاء 23 أبريل 2024 4:58 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

هل ستوقف المقاطعة الأخونة؟

نشر فى : الجمعة 1 مارس 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : الجمعة 1 مارس 2013 - 8:00 ص

«ما أشبه اليوم بالبارحة»، يحضرنى هذا المثل المعبر عن حال المعارضة مع كل استحقاق انتخابى اذ يصيبها فجأة دوار الانتخابات وتدخل فى حالة التخبط وفقدان البوصلة لتسمع أحاديث عن المقاطعة لا تعتمد على أى قراءة منهجية وعلمية لواقع تم تشكله ومنظومة سياسية جديدة صارت أكبر من خيالات البعض الذى يصر على تعاطى حبوب التغييب السياسى والابحار فى عالم الأحلام والأوهام التى لا تلامس الواقع.

 

كل من يتساءل الآن عن جدوى المقاطعة وماذا بعدها هو متهم لدى هؤلاء بأنه صاحب غرض ويبحث عن مصلحته الشخصية وهذا تزيد لا معنى له ولا يستحق الالتفات اليه لتهافته وضحالته لذا فما أكتبه فى هذا المقال قد لا يعجب البعض ولكنها الحقيقة التى أراها وأعتقدها ويفرض علىّ ضميرى أن أصارح الناس بها.

 

•••

 

أقلب فى صفحات التاريخ وأبدأ من الانتخابات الرئاسية فى أفغانستان عام 2009 حين قام المرشح المعارض عبدالله عبدالله بالانسحاب من جولة الإعادة متهما السلطة باستخدام وسائل التزوير فى نتائج انتخابات الجولة الأولى معتبرا أن الانتخابات لم تكن سوى مسرحية هزلية لم تمنع كلمات عبدالله تلك من إعلان «قرضاى» رئيسا وحاكما للبلاد ولم تفلح اتهاماته للرئيس المنتخب وحكومته بفقدان الشرعية أو تغيير نتائج الانتخابات.

 

أما فى انتخابات «بيرو» عام 2000 فانسحب أليجندروا توليدو من الانتخابات الرئاسية معترضا على عمليات التزوير مما سمح لخصمه ألبرتو فيوجمورى بالبقاء رئيسا للمرة الثالثة.

 

لكن المختلف أن توليدو لم يقرر بعد انسحابه الاختفاء والنضال بالكلام من منزله أو عبر الفضائيات، لكنه استثمر تواجده الشعبى وحركته الجماهيرية المتراكمة التى سبقت الانتخابات وقام ببناء جبهة معارضة سياسية وشعبية مؤثرة كان لها دور كبير فى استقالة فيوجمورى بعد ستة أشهر وفى الانتخابات التالية استطاع أن يصبح رئيسا للبلاد فى انتخابات عام 2001.

 

الدرس الذى نستخلصه من هذه التجربة أن دعوة الجمهور لمقاطعة الانتخابات دون أن تكون هناك حركة مقاومة شعبية منظمة لن يكون فى نهاية الأمر سوى إعلان لنجاح الخصم بالتزكية.

 

ومن لبنان والعراق تجارب مهمة تستحق النظر، فدعوة المقاطعة التى قام بها المسيحيون اللبنانيون فى انتخابات عام 1992 احتجاجا على النفوذ السورى فى لبنان وانتهت بزيادة عدد أعضاء حزب الله الشيعى فى البرلمان بعد أن كان المسيحيون يسيطرون على ثلث عدد البرلمان وكانت هذه المقاطعة سببا فى تمكين حزب الله على الساحة اللبنانية بعد ذلك.

 

وفى العراق عندما قررت المعارضة السنية مقاطعة الانتخابات عام 2005 وانتهى الأمر بكارثة سياسية كبيرة لهم لا تزال آثارها موجعة للسنة فى العراق.

 

•••

 

فى كل هذه التجارب كان الرهان على نزع الشرعية عن النظام واسقاطه عبر ذلك ولكن الحقيقة أن هذا المسلك ساعد هذه الأنظمة فى البقاء أطول وترسيخ أقدامها، اذن فالدعوة العشوائية للمقاطعة دون وجود الرؤية الواضحة والسيناريو البديل القابل للتحقق قد تكون إيذانا بنهاية الزعيم السياسى الذى يدعو لها وخفوت وذوبان الأحزاب والقوى التى تبنتها بعد أن تفشل فى تحقيق ما تريد كما حدث فى حالة «عبدالله» فى أفغانستان. وكما حدث أيضا فى حالة «كينيث كاوندا» زعيم حزب المعارضة الأول فى زامبيا والذى كان قد انسحب وطالب بمقاطعة الانتخابات عام 1996 فكان هذا الخطأ هو بداية النهاية العملية لتاريخه السياسى وأدى إلى كارثة للحزب الذى كان يقوده.

 

على من يدعو للمقاطعة أن يجيب عن هذه الأسئلة:

 

أولا: هل يمتلك رؤية واضحة وقابلة للتنفيذ لما بعد المقاطعة وهل تتلاءم مع قدراته؟

 

ثانيا: هل ستجد الدعوة للمقاطعة استجابة شعبية واسعة تشكك فى مصداقية الانتخابات وتجبر النظام على تأجيلها أو اعادتها؟

 

ثالثا: هل ستتوحد القوى السياسية الفاعلة على قرار المقاطعة أم سيخوض بعضها ويقاطع البعض الآخر مما سيجعل فكرة المقاطعة أضحوكة لتكون نتيجتها النهائية تعزيز نسبة الحزب الحاكم وحلفاؤه للسيطرة على مفاصل الدولة عبر عرض مجانى من المعارضة المنقسمة؟

 

رابعا: هل الدعوة للمقاطعة بسبب أوضاع حزبية داخلية تخشى من خوض الانتخابات لعدم الجاهزية وحدوث فرز جديد كاشف فى الأوزان النسبية لمن يدعون الشعبية والتأثير؟

 

ثمة حجج يدفع بها هؤلاء عن الخوف من تزوير الانتخابات وكل من مارس العملية الانتخابية يعرف ان تزوير الانتخابات البرلمانية يكاد يكون مستحيلا الآن بعد جعل الفرز فى اللجان الفرعية ويمكن منع التزوير تماما بوجود مندوبين لكل مرشح فى كل اللجان فى عملية التصويت والفرز مع الاشراف القضائى الكامل والرقابة الدولية والمحلية مع العلم أن المشاركة فى الانتخابات هى التى تفضح التزوير فى حالة وقوعه وليس المقاطعة لأن النظام الذى يرغب فى تزييف ارادة الناخبين لن يحتاج للتزوير فى حالة مقاطعة منافسيه للانتخابات واذا خاطر النظام ومارس التزوير فستكون هذه شرارة الثورة الشعبية الحقيقية التى سيشارك فيها الملايين.

 

صمموا على تحقيق مطالب الثورة وضمانات النزاهة وشاركوا أو قاطعوا ولكن لا تهربوا من معارككم التى يجب خوضها وتأخرتم فيها، لا تتحدثوا الا بما تملكون من قدرات، لا تلوموا الشعب على اختياراته فأنتم لم تقدموا له بديلا اذا أكملتم على نفس الطريق فهذه نهاية سيضيفها التاريخ لسجل الفاشلين.

 

•••

 

إذا لم تكن تستطيع القيام بثورة وحشد الجماهير لإسقاط النظام واذا لم تؤد واجبك فى التواصل مع الناس وبناء تيار شعبى حقيقى يخوض معك معركة المسار الانتخابى أو الثورى ومع ذلك تدعو للمقاطعة وافساح الساحة أكثر للإخوان وحلفاؤهم دون أن تعلم ما هى الخطوة القادمة فأنت شريك للنظام وداعم له ومقاطعتك لن توقف مسلسل التمكين والأخونة.

مصطفى النجار عضو مجلس الشعب السابق
التعليقات