فى ذكرى الثلاثين - نادر بكار - بوابة الشروق
الأربعاء 24 أبريل 2024 9:04 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

فى ذكرى الثلاثين

نشر فى : الثلاثاء 1 يوليه 2014 - 7:25 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 1 يوليه 2014 - 7:25 ص

عام كامل مضى على مشهد الثلاثين من يونيو.. اخترت أن اسميه وقتها «تصحيحا للمسار»، ولازلت أراه الوصف الأليق والأكثر دقة من ثنائية «ثورة أم انقلاب»، وكتبت فى إثر ذلك مجموعة من المقالات المتتالية تمحورت فكرتها حول الحذر من الوقوع فى نفس أخطاء القيادة السابقة، ونقد المعادلات النمطية من نوعية «الأمن مقابل الحرية»؛ وضرورة البحث عن حلول سياسية، وحتمية المراجعات الفكرية لكثير من الجماعات الدعوية أو السياسية وعلى رأسها الإخوان.. وما يلى فقرات منتقاة أشرت بجوارها إلى تاريخ تدوينها.

«لكى يصدق على 30 يونيو وصف تصحيح المسار، ولكى ينتقل الأكثرون من وضعية التربص إلى حالة التفاؤل الحذر على أقل تقدير، فإن ثمة أخطاء استراتيجية فادحة ارتكبتها إدارات ما بعد يناير حتى اليوم نحتاج إلى تأكيد أن الحكومة الانتقالية المقبلة قد استوعبتها جيدا ومن ثم استعدت للتحرك بنا صعودا على منحنى التعلم.

انتهاج سياسة المصارحة للكشف عن حجم التحديات الاقتصادية والأمنية التى تواجهها الحكومة بأرقام دقيقة، والتيقظ لمحاولات جرنا إلى معارك وهمية تتشتت فيها الجهود وتُثبط الهمم، ومواجهة الاحتجاجات الفئوية إن ظهرت ــ وذلك أمر متوقع ــ بحزم أمضى من ذى قبل، وتحويل دفة الاهتمام إلى توظيف طاقة ملايين الشباب العاطل واستيعابها فى المشاريع الصغيرة والمتوسطة. كل هذه مؤشرات أولية على استفادة من أخطاء الماضى أو سقوط فى براثنها. وملف المصالحة الوطنية تحد آخر يستلزم تعاملا بحزم مع طوفان الكراهية الذى يكاد يغرق الوطن عن بكرة أبيه، وتعامل بحكمة يحتوى شباب التيار الإسلامى ويعيد دمجهم فى الحياة السياسية والاجتماعية. المصالحة تتطلب خارطة طريق هى الأخرى، أبرز ملامحها إيقاف الملاحقات الأمنية غير المبررة والإفراج عن كل من لم توجه ضده تهم محددة، وميثاق إعلامى يجابه ثقافة الكراهية والتحريض ودعوات الإقصاء. حتى لا تتكرر الأخطاء الأهرام ١٥ يوليو ٢٠١٣.

«أما جماعة الإخوان فتحتاج الآن إلى مراجعة داخلية شاملة أكثر من أى وقت مضى فى تاريخها، مراجعة فكرية تغربل الأدبيات من كل شوائب تكفير المخالف والنظرة المغلوطة لمفهوم التمكين والاستعلائية المقيتة فى التعامل مع المجتمع، وتصور أن الأفراد لا فارق بينهم وبين المنهج، وتوهم أن انتقاد الخطأ ولو بصورة علنية طعن فى المشروع الإسلامى ذاته، واعتقاد أن كل ما يخرج من قيادات الحركة صواب لا مرية فيه. وتحتاج كذلك إلى تصعيد قيادات شابة تأخذ مكان من اعتلوا منصة رابعة يقذفون فى قلوب الآمنين الرعب وينزلون آيات الجهاد فى غير موضعها ويوقدون الحماسة فى قلوب الآلاف ممن وثقوا بدينهم فيدفعونهم دفعا إلى الموت ثم يلوذون بالفرار لا يلوون إلا على النجاة بحياتهم ثم هم بين يدى التحقيقات أجبن الناس وأكذبهم.

قيادات تتفهم أن الثلاثين من يونيو كان نتيجة مباشرة لتضخم كرة ثلج الأخطاء الفادحة التى وقع فيها قادتهم على مدى عام كامل، كان نتيجة لفكر التكفير الذى تشبعت به القيادات القطبية منهجا وخطابا وتعاملا، ومن ثم تعمل جديا على تقليل حجم الخسائر والتحلى بأكبر قدر من المرونة للاندماج مجددا فى العملية السياسية، وهذا تحديدا يمثل الفلسفة التى يتبناها حزب النور فى مبادراته أو لقاءاته التفاوضية للتوسط بين الإخوان والسلطة الانتقالية»، موازنات صعبة الأهرام ٢٦ أغسطس ٢٠١٣.

«وصحيح أنى على قناعة تامة بأن أحد أعظم أخطاء نظام د. مرسى فداحة كانت فى تبنى خيار مواجهة أركان الدولة العميقة بدلا من احتوائها، واستعدائها بدلا من محاولة اعادة تشكيل ولائها، إلا أن هذا لا يعنى فى الوقت ذاته أن يُغض الطرف عن حجم الفساد الممنهج المستشرى فى أوصال هذه الدولة الذى لا يزال قائما وبمنتهى القوة حتى لحظة كتابة هذه السطور، أو التغافل عن إرهاصات عودة دولة القمع البوليسية الآخذة فى الازدياد يوما بعد آخر.

مخاطر عودة الدولة البوليسية تحتاج إلى تكاتف كل القوى السياسية الوطنية العاقلة سواء تلك التى خرجت من رحم يناير أو التى أدى كفاحها إلى اندلاع تلك الثورة لتكوين نواة صُلبة تتحطم عليها عقلية «إنا فوقهم قاهرون الأمنية» التى تُساوم الشعب على حريته مقابل أمن مزعوم لم يظفر منه يوما سوى بالأغانى الوطنية والشعارات الرنانة». «أولويات الجماعة الوطنية» الأهرام ١٢ أغسطس ٢٠١٣.