التدخل الحكومى فى نشاط النقابات - مصطفى النجار - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 1:31 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

التدخل الحكومى فى نشاط النقابات

نشر فى : الخميس 1 سبتمبر 2016 - 9:30 م | آخر تحديث : الخميس 1 سبتمبر 2016 - 9:30 م
تبدو الحكومة وكأنها تُصر على استعداء القطاع الطبى فى مصر وفتح ساحات جديدة للصراع مع الأطباء؛ حيث فوجئ الجميع بقرار غريب بموافقة مجلس الوزراء بتاريخ 25 أغسطس 2016 على مشروع قانون بضم النقابة العامة للعلاج الطبيعى لاتحاد نقابات المهن الطبية؛ وذلك بدعوى إيجاد مظلة أشمل لتوفير سبل الرعاية الصحية والاجتماعية والترفيهية اللازمة لأعضاء نقابة العلاج الطبيعى. هذا القرار إنما ينطبق عليه عبارة (يهب ما لا يملك)، ومن المؤسف أن القرار الكيدى المخالف للدستور ليس تدخلا فقط من السلطة التنفيذية فى عمل النقابات والهيئات المستقلة بشكل غير قانونى بل هو إثارة للفتنة وبث للكراهية بين جموع أطباء العلاج الطبيعى وأعضاء النقابات الطبية الأربع التى يتشكل منها الاتحاد (الأطباء البشريون – أطباء الأسنان – الصيادلة ــ الطب البيطرى).

قبل تفنيد عوار القرار لابد من التأكيد على احترام وتقدير الزملاء الأطباء بنقابة العلاج الطبيعى وحقهم فى تحسين كل سبل الرعاية، لكن المشكلة ليست فى الزملاء وإنما فى طبيعة اتحاد المهن الطبية بصورته الحالية التى ينبغى لنا التعرف عليها لفهم مدى الجرم الذى ارتكبه القرار الوزارى. لذلك أنقل للقارئ باقتباس التوضيح الصادر من اتحاد المهن الطبية حول أسباب رفض القرار:

(أولا: يتشكل كيان اتحاد نقابات المهن الطبية طبقا للقانون من أربع نقابات فقط وهى: الأطباء والصيادلة وأطباء الأسنان والأطباء البيطريين، وبالتالى لا يجوز ضم أى نقابات أخرى لهذا الكيان بدون موافقة النقابات المشكلة للاتحاد.

ثانيا: تم تأسيس اتحاد نقابات المهن الطبية منذ عشرات السنوات من أجل إنشاء صندوق إعانات ومعاشات لأعضائه، وبالتالى فإن الأعضاء يقومون منذ عشرات السنين بتسديد اشتراكات وأعباء مالية أخرى لصندوق المعاشات ولا يمكن أن يكون هناك أى تصور منطقى أو قانونى أو دستورى يسمح بأن نضيف إليهم فئة جديدة لم تتحمل أية أعباء مالية طوال السنوات السابقة لكى تحصد ثمار ما تكبدته الفئات الأخرى من أعباء مالية.

ثالثا: هناك معاش شهرى لكل عضو من أعضاء الاتحاد مقرر طبقا للدراسات الاكتوارية المعتمدة على الموقف المالى لصندوق المعاشات، وإذا تمت إضافة أية فئات أخرى فإن هذا يهدد بوجود عجز اكتوارى يصل لمئات الملايين من الجنيهات، الأمر الذى يهدد أعضاء الاتحاد بعدم صرف أية معاش لهم من الاتحاد عند بلوغهم سن المعاش (على الرغم من تحملهم للاشتراكات).

رابعا: على مدار العقود المتتالية هناك تراكمات للوعاء الادخارى واستثماراته من اشتراكات الـ ٤ نقابات يصعب معه ضم أى نقابة أخرى وتحميل الصندوق أعباء مالية إضافية إلا نظريا بضخ مبلغ من قبل النقابة التى ترغب فى الانضمام يقارب الـ ٨٠٠ مليون جنيه لسد عجز اكتوارى جديد سينشأ إذا ما انضم العلاج الطبيعى.

خامسا: تنص المادة 76 من الدستور على أن من واجبات النقابة الدفاع عن حقوق أعضائها وحماية مصالحهم؛ فكيف تأتى الحكومة لتحاول الانتقاص من حقوق الأعضاء والقضاء على مصالحهم، ومخالفة نص المادة 77 من الدستور التى تنص على أنه يؤخذ رأى النقابات فى مشروعات القوانين المتعلقة بها. للأسف الشديد فإن هذا القرار صيغ ثم عرض ثم أخذ فيه القرار، بدون العرض على النقابات المعنية).

***

لا يمكن أن نحسن الظن بموقف الحكومة الذى يبدو أنه خطوة عقابية للأطباء بسبب قضية بدل العدوى التى حصل فيها الأطباء على حكم واجب النفاذ بصرف بدل عدوى بقيمة 1000 جنيه بدلا من 19 جنيها، والذى ترفض الحكومة تنفيذه وتهدم فكرة دولة القانون فى نفس الوقت الذى تقرر فيه فرض رسوم إضافية على المواطنين لزيادة ميزانية العلاج الطبى لفئات أخرى بعينها لا تحتاج أصلا لذلك، ويتم تحميل المواطن هذه النفقات بينما تضرب عرض الحائط بحق الأطباء الذين هم أكثر الناس عرضة للعدوى دون أى مهنة أخرى.

أيضا تفوح رائحة البيزنس والمجاملات فى الأفق كما يرى البعض فى تفسيره للقرار الغريب وعلاقته بمجال التعليم الخاص غير الحكومى والتصريح بإقامة كليات جديدة لصالح بعض رجال الأعمال؛ حيث سيكون هذا القرار فى حالة تطبيقه دافعا قويا لأولياء الأمور لدفع أموال طائلة ليلتحق أبناؤهم بهذه الكليات طالما سينتهى الجدل الدائر بين نقابة الأطباء البشريين ونقابة العلاج الطبيعى بقرار فوقى يضم العلاج الطبيعى لاتحاد المهن الطبية وهو خلاف معروف لا وقت للخوض فيه.

نحن أمام محاولة لتفخيخ العمل النقابى الطبى وإحداث وقيعة بين أعضائه، كما أننا أمام مخالفة واضحة للدستور والقانون، وأمام شبهة انتقام سياسى لتأديب اتحاد المهن الطبية وإجهاض تحركاته لنيل حقوق الأطباء، بل وعقاب الأطباء بشكل عام بسبب وقفتهم ضد الانتهاكات التى حدثت ضد الأطباء على يد أفراد من الشرطة فى الوقائع الشهيرة السابقة.

إذا كان هناك نية للحل وعدم التصعيد فأولى الخطوات إلغاء القرار الوزارى وترك نقابة العلاج الطبيعى تتفاوض مع اتحاد المهن الطبية بشكل مباشر لبحث الانضمام عبر المعايير التى يحددها الاتحاد. كذلك تنفيذ حكم بدل العدوى وعدم جر الأطباء لمواجهة جديدة مع السلطة ليست فى صالح الوطن ولا المهنة، ونتمنى فى النهاية أن يغلب صوت العقل.
مصطفى النجار عضو مجلس الشعب السابق
التعليقات