وظائف نظريات المؤامرة - عمرو حمزاوي - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 2:58 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

وظائف نظريات المؤامرة

نشر فى : الأربعاء 1 أكتوبر 2014 - 7:55 ص | آخر تحديث : الأربعاء 1 أكتوبر 2014 - 7:55 ص

كيف بلغت نظريات المؤامرة منا فى مصر موضعها الخطير الحالى الذى تحولت معه على الرغم من سذاجتها وتهافتها وتناقضها مع وقائع مثبتة وظواهر جلية إلى إطار أساسى لمقاربة ماضينا وحاضرنا وتقلبات الحكم وقضايا السلطة؟

كيف تمكنت نظريات المؤامرة ليس فقط من السيطرة على الغالب من الأفكار والآراء المعبر عنها بشأن أوضاع بلاد العرب وأدوار الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها الغربيين، بل أيضا من غزو مجالات الإبداع الفكرى والثقافى والفنى على نحو صرنا معه نطالع الكثير من الأعمال الأدبية الحديثة، ومن كتابات مفكرين ومثقفين معروفين ومن أعمال الدراما التليفزيونية والسينمائية، التى تتناول ثورة ٢٥ يناير ٢٠١١ والانتفاضات الشعبية فى بلاد العرب كأحداث تآمرية رتبتها (منذ فترة زمنية ليست بالقصيرة) مخابرات الغرب ودفعتها إلى الواجهة «الخطط السرية» الأمريكية والأوروبية، التى أرادت نشر «الفوضى الخلاقة» وتدمير مصر والدول والمجتمعات العربية؟

عوامل عدة تفسر الانتشار الراهن لنظريات المؤامرة واختراقها الكارثى للنقاش العام حول قضايا الحكم والسلطة وغزوها المدمر لمجالات الإبداع فى مصر:

١ ــ حالة الوهن التى تمر بها الدولة ويعانى منها المجتمع، وهى وإن كانت متوقعة (كما تخبرنا أدبيات العلوم السياسية والاجتماعية بشأن الثورات والانتفاضات الشعبية) إلا أنها تدفع المواطن المهموم ــ المصدوم ــ الخائف وكذلك بعض النخب الفكرية والثقافية والفنية وبعض أصحاب الرأى إلى البحث عن طرف ظاهر أو خفى تلقى عليه «اللائمة» وتعلق على شماعة «مؤامراته» أوزار الوهن.

٢ ــ الترويج المنظم لنظريات المؤامرة من قبل السلطة التنفيذية إن لتبرير انتهاكات الحقوق والحريات كسبيل وحيد لمواجهة «أفعال» متآمرين متوهمين فى الداخل والخارج، أو لتثبيت المضمون غير الديمقراطى المرتبط بعدم مسئولية السلطة التنفيذية عن الأوضاع السلبية الحالية والأزمات الراهنة، ومن ثم عدم جواز مسألتها ومحاسبتها ــ بل وتتحول الطاعة والتأييد ودعم كشف «المؤامرات» والقضاء على «المتآمرين» إلى واجبات المواطن الوحيدة، بجانب قبول تخوين وتشويه معارضى السلطة.

٣ ـ إصرار السلطة التنفيذية على تغييب وحجب الكثير من الحقائق والمعلومات عن المواطن، لكى يسهل تعريضه لقراءة السلطة بشأن «أحداث» السنوات الماضية ويتحقق التماهى بين موقفه ورأيه وبين الموقف والرأى الرسميين ــ غياب الحقائق والمعلومات هو المكون الجوهرى لبيئة مجتمعية ومجال عام تنتشر بهما نظريات المؤامرة.

٤ ــ تتسم الفترات التى تعقب الثورات والانتفاضات الشعبية بسرعة وتنوع التغيرات التى تطول الدول والمجتمعات، بل وبالكثير من المتناقضات. ولهذه الفترات أيضا نخب ومجموعات وفئات تربح، وأخرى تخسر وبعنف. هنا يمكن التعويل على نظريات المؤامرة حين يعجز المواطن وتعجز بعض النخب الفكرية والثقافية والفنية وبعض أصحاب الرأى عن التعامل مع التغيرات بموضوعية، أو حين ترفض الحركات والمجموعات السياسية ممارسة النقد الذاتى والبحث الجاد فى أسباب الثورات والانتفاضات والاستفادة الرشيدة منها، أو حين تسعى السلطة التنفيذية إلى القضاء على الإدراك الشعبى الإيجابى لطلب التغيير.

غدا هامش جديد للديمقراطية فى مصر

عمرو حمزاوي أستاذ علوم سياسية، وباحث بجامعة ستانفورد. درس العلوم السياسية والدراسات التنموية في القاهرة، لاهاي، وبرلين، وحصل على درجة الدكتوراة في فلسفة العلوم السياسية من جامعة برلين في ألمانيا. بين عامي 2005 و2009 عمل كباحث أول لسياسات الشرق الأوسط في وقفية كارنيجي للسلام الدولي (واشنطن، الولايات المتحدة الأمريكية)، وشغل بين عامي 2009 و2010 منصب مدير الأبحاث في مركز الشرق الأوسط لوقفية كارنيجي ببيروت، لبنان. انضم إلى قسم السياسة العامة والإدارة في الجامعة الأميركية بالقاهرة في عام 2011 كأستاذ مساعد للسياسة العامة حيث ما زال يعمل إلى اليوم، كما أنه يعمل أيضا كأستاذ مساعد للعلوم السياسية في قسم العلوم السياسية، جامعة القاهرة. يكتب صحفيا وأكاديميا عن قضايا الديمقراطية في مصر والعالم العربي، ومن بينها ثنائيات الحرية-القمع ووضعية الحركات السياسية والمجتمع المدني وسياسات وتوجهات نظم الحكم.
التعليقات