سبب وحيد للأمل - محمد موسى - بوابة الشروق
الأربعاء 24 أبريل 2024 12:00 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

سبب وحيد للأمل

نشر فى : الأربعاء 1 ديسمبر 2010 - 10:42 ص | آخر تحديث : الأربعاء 1 ديسمبر 2010 - 10:43 ص

 كل مشهد فى انتخابات مجلس الشعب التى تدور رحاها هذه الأيام يستحق التسجيل، لتدريسه بعد ذلك فى معاهد التمثيل وأكاديميات الفنون المسرحية، إلا مشهد مدرسة البدرشين الإعدادية، الذى يتفوق على كل تاريخ الدراما.

القاضى وليد الشافعى الذى كان مشرفا على الانتخابات هناك، كان يتفقد عمليات التصويت عندما وصل إلى المدرسة، وكان الباب مغلقا مثل باقى اللجان، لكنه قرر هذه المرة الدخول.

فى حواره الذى انفرد به الزميل صابر مشهور فى الشروق قبل يومين، قال القاضى الشجاع إنه دخل اللجنة أخيرا، ليجد أحد الأشخاص يتحدث إليه بلهجة آمرة قائلا: أيوه يا بيه، إنت مين بقى؟.

الرجل كان ضابط الشرطة المكلف رسميا بحماية اللجنة، لكنه أصبح المكلف عمليا بتزوير الانتخابات وتسويد بطاقات التصويت لصالح مرشحتى الحزب الوطنى الحاكم، مؤمنة كامل ونرمين بدراوى، حسب مذكرة القاضى.

تم احتجاز القاضى، وهو رئيس محكمة فى استئناف القاهرة، حتى انتهت عمليات التزوير فى موعد الإقفال الرسمى، كما جاء فى مذكرته لرئيس اللجنة العليا للانتخابات القاضى السيد عبد العزيز عمر، المرفقة بصور بطاقات التصويت المزورة.

يتحدث وليد الشافعى ببساطة الشجعان وقوتهم، وهو يتعهد أنه لن يترك حقوقه، «إذا كان شغلى أرجع الحق لأصحابه، أسيب حقى أنا؟». رغم أن الرجل يتفهم موقف ضابط البدرشين. «لو نفذ القانون، سيتعرض للمساءلة من قيادته».

نموذج القاضى الشافعى نادر فى هذا الزمان، فهو لا يخشى من «ثمن الاختلاف»، ثقة فى «القضاء المصرى المستقل»، كما قال فى حوار لى معه، لكن الدرس الأكبر فى حديثه كان عبارة خارج السياق العام الذى يعيشه كل المصريين. «اللى تعلمته وأعرفه إنه لما تروح تؤدى عمل، لازم تؤديه كما ينبغى، لما تكتب حكم تكتبه صح، لما تشرف على حاجة تشرف عليها زى ما بيقول لك ضميرك. ما يهمنيش مين ينجح ومين يسقط دى قصتهم، مش شغلى، أنا شغلى أن العمل اللى أمارسه ما يحصلش فيه تلاعب أو تزوير».

يعرف الشافعى أن «اللجنة العليا للانتخابات ما فيش فى إيدها حاجة، والانتخابات كلها تحت أيدى الشرطة». ويرفض الرجل أن يتم استخدام قضاة مصر للتغطية على جريمة مخلة بالشرف اسمها التزوير، «لو عايزين تزوروها، اعملوها بمعرفتكم، ما تجيبش قاضى عشان يتفرج على التزوير ويروح».

كل مرة يؤكد لنا النظام أنه لا يثق فينا، وأن التزوير هو الحل مع شعب من أمثالنا، لكن المستشار وليد الشافعى منحنا أملا صغيرا فى أن هناك شرفاء لا يكتفون فى الرد على «المنكر» بأضعف الإيمان

محمد موسى  صحفي مصري