لماذا فشل اليسار انتخابيا؟! - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الأربعاء 24 أبريل 2024 9:14 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

لماذا فشل اليسار انتخابيا؟!

نشر فى : الثلاثاء 1 ديسمبر 2015 - 10:45 م | آخر تحديث : الثلاثاء 1 ديسمبر 2015 - 10:45 م
ماذا حصد اليسار فى الانتخابات النيابية الأخيرة؟! الإجابة هى تقريبا صفر أو ما يشبه الصفر. هو أمر مخجل ومحزن، ألا يكون هناك تمثيل حقيقى لهذا التيار السياسى العريض الذى له صوت مرتفع فى الإعلام وصالونات النخبة لكن بلا وجود حقيقى فى الشارع السياسى بمعناه الحقيقى أى بين الناس. تذكرت هذه الحقيقة الأليمة يوم السبت الماضى وأنا داخل الحزب الاشتراكى المصرى فى مقره بالدور السادس بعمارة قديمة بشارع شامبليون بوسط البلد، لحضور احتفالية بذكرى رحيل الفنان عدلى فخرى.
فى مدخل الحزب لافتة كبيرة مكتوب عليها: «عاشت ثورة ٢٥ يناير»، الأثاث بسيط جدا، وقديم، والكراسى عادية، ولم تكن كافية حتى للحاضرين. قال لى رئيس الحزب والقيادى اليسارى الكبير أحمد بهاء الدين شعبان: «نحن نعتمد فى الأساس على تبرعات الأعضاء وليس على رجال الأعمال كما يفعل الكثيرون هذه الأيام»!
تقول الارقام ان كل احزاب اليسار لم تحصد اكثر من خمسة مقاعد ولها نحو خمسة مرشحين فى جولة الاعادة الثانية والاخيرة، وبالتالى فالصورة قاتمة.
قد تكون هناك شخصيات يسارية نجحت فى الانتخابات الأخيرة بمجهودها الشخصى، لكن السؤال الجوهرى هو: لماذا اخفقت غالبية الأحزاب اليسارية فى الفوز بنسبة معقولة؟!.
بل ربما السؤال الأول هو: لماذا هناك أكثر من حزب يسارى خاضوا الانتخابات منفردين، ولماذا لم ينسقوا معا منذ البداية، وما هى حقيقة تواجد هذه الأحزاب فى الشارع المصرى؟!.
اليسار منقسم منذ فترة طويلة، والأسباب كثيرة، والعوامل الشخصية تلعب دورا بارزا. والمنطقى أن يكون لليسار تواجد خصوصا فى التجمعات الشبابية والعمالية والفلاحية باعتبار أنه يعبر عن هذه الفئات أفضل، ثم إن هناك مناخ مواتٍ جدا فى ظل أزمة اقتصادية اجتماعية خانقة، والأهم ان الحكومة ومعظم أجهزة الدولة ليست فى خصومة مع اليسار، كما كان الحال أيام السادات ومبارك، بل ان البعض يقول ان الرئيس أقرب إلى الفكر الناصرى.
بعد يناير انقسم اليسار أكثر، صار بعضه مع الحكومة ضد الإخوان، وبعضه ضد الحكومة والإخوان، وقلة منه لم تمانع فى التنسيق مع الإخوان بعد ٣٠ يونيو!.
عندما يفشل اليسار بهذه الصورة الفادحة والفاضحة، مقارنة بمقاعد كثيرة حصلت عليها تيارات تمثل اليمين بدرجات متفاوتة فالطبيعى أن تسأل الأحزاب اليسارية نفسها سؤالا منطقيا: لماذا وصلوا إلى هذه الحالة؟!.
فى الماضى كان اليسار يتهم الحكومة بأنها تحاصره وتقمعه، وبالتالى لم يكن قادرا على التحرك، الآن لم يعد هذا صحيحا، ورغم ذلك ماتزال أحزاب اليسار فقيرة جماهيريا. بطبيعة الحال معظم الأحزاب ضعيفة، ومن فاز منها أخيرا فى الانتخابات، فإن ذلك لم يكن بالأساس راجعا إلى قوتها الفعلية على الارض بل بقوة شكلية ناتجة عن «حقن كورتيزون» تم حقنها بها، سواء عبر شراء الأصوات أو شراء النواب، أو التواجد فى قائمة «فى حب مصر».
المفروض أن اليسار يعبر عن الطبقات الفقيرة والمطحونة ويطالب أساسا بالعدالة الاجتماعية، والمفروض أن هذا الخطاب يزدهر فى مصر هذه الأيام، لكن الواقع عكس ذلك تماما. والسبب من وجهة نظرى أن غالبية أحزاب وقوى ورموز اليسار فشلت فشلا ذريعا فى الوصول إلى جماهيرها الطبيعية.
لو سألت العمال فى مصانعهم خصوصا فى حلوان والمحلة وشبين الكوم، فقد تصدم حينما تكتشف أن أحزاب اليمين الدينى لديها تواجد هناك أكثر من اليسار، ولو سألت لماذا؟! فلن تجد سببا جوهريا باستثناء أن كوادر اليسار لا تترك مقاعدها فى القاهرة داخل مقراتها!.
عندما ذهبت إلى الحزب الاشتراكى المصرى اعجبنى شعاره القائل «خبز ــ حرية ــ عدالة اجتماعية ــ كرامة إنسانية»، لكن ما أحزننى اننى لم أجد شبابا صغيرا، بل معظمهم من كبار السن المحترمين الذين كانوا نجوما فى الستينيات والسبعينيات أمثال الشعراء والفنانين والأدباء سمير عبدالباقى وسيد وشوقى حجاب وصبرى عبدالمنعم وعهدى صادق ومحمد سمير حسن ورمزى العدل وكريمة الحفناوى وزين العابدين فؤاد. مصر تحتاج إلى احزاب قوية تمثل كل التيارات الاساسية فى المجتمع ومنها اليسار بطبيعة الحال. سيعود اليسار قويا عندما يكون لديه كوادر حقيقية قادرة على العمل والتضحية.
عماد الدين حسين  كاتب صحفي