المواجهة الحقيقية - سامح فوزي - بوابة الشروق
الأربعاء 24 أبريل 2024 4:21 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

المواجهة الحقيقية

نشر فى : الثلاثاء 2 يناير 2018 - 10:15 م | آخر تحديث : الثلاثاء 2 يناير 2018 - 10:15 م
أصدرت جريدة «صوت الأزهر» عددا خاصا الأربعاء الماضى عن عيد الميلاد، وهى سابقة الأولى من نوعها، تصدرها مقال مؤثر للأمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب تناول فيه موعظة السيد المسيح على الجبل، ومقالات وتحقيقات أخرى عن هذه المناسبة. تحول ملفت، وخطوة جريئة، تحسب لمؤسسة الأزهر، ورئيس تحرير المطبوعة الزميل أحمد الصاوى. بعد يومين وقع حادث كنيسة القديس مارمينا بحلوان، والذى استشهد فيه عدد من الأقباط برصاص إرهابى، وبرفقتهم فرد الأمن المسلم المكلف بحراسة الكنيسة. رافق ذلك استشهاد مواطنين أقباط فى محلاتهم التجارية سواء يوم الجمعة ذاتها، أو ليلة الاحتفال برأس السنة الميلادية. 

أرى أن هناك تلازما بين الأمرين: العدد الخاص من «صوت الأزهر» والحادث الإرهابى الذى تلاه، لأن مواجهة التطرف لن تكون إلا عن طريق مواجهة فكرية شجاعة وجريئة، ونقد التطرف بجسارة، ولغة لا تعرف المواربة أو توازن الحسابات. إذا لم نفعل ذلك فإننا للأسف خاسرون فى المعركة إن أجلا أو عاجلا. أن تنشر جريدة الأزهر عن احتفال عيد الميلاد خطوة جريئة خاصة فى ضوء تكفير السلفيين له، ولكن ينبغى أن تستتبعها خطوات أخرى من المؤسسات الدينية، والتعليمية والثقافية. 
التطرف يعشش فى عقول الناس مما يرفع درجة جاهزيتهم للانخراط فى العنف، وممارسة القتل على النحو الذى نراه. المواجهة ليست فقط بين الأمن والعناصر الإرهابية، ولكن أيضا فى المدرسة، والإعلام، والشارع. هذا الكلام يٌقال كثيرا منذ سنوات، وفى أعقاب كل حادث إرهابى، ثم ما يلبث أن يخبو إلى أن نستيقظ على حادث آخر. وقد لا نكون مبالغين لو قلنا إن المواجهة الحقيقية هى مع ماكينة صناعة التطرف الفكرى التى لم يشتد عودها بعد، ومازلنا متعثرين فى خطواتنا، نفتقر إلى الاستراتيجية الواضحة المتكاملة فى هذا الخصوص. 

ليس مقبولا أن نغض الطرف فى أحيان كثيرة عن التطرف فكرا وممارسة، ويشغلنا فقط التطرف المسلح، فى حين أن الارتباط بين الأمرين وثيق. ليس مفهوما أن يغلق مكان للعبادة على خلفية أن السكان المحليين يرفضون ذلك، وكأن مناط الأمر بأيديهم، أو بأيدى العناصر المتشددة منهم، أو أن نلجأ إلى تسوية أحداث جنائية من خلال جلسات عرفية، وليس عن طريق تطبيق القانون. 

مواجهة التطرف ينبغى ألا تعرف المواءمات أو نظن أن بالإمكان تحقيقها دون أن نكون جادين فى تطبيق القانون، والحفاظ على مدنية المؤسسات العامة، والحفاظ على التعددية، وحقوق المواطنة، والتأكيد على الإصلاح الفكرى، ومواجهة الأفكار السلبية التى تعج بها وسائل الإعلام، وتروجها تيارات دينية معروفة. 

إعلان الحرب الجادة على فكر وممارسات التطرف هو المدخل الحقيقى لمواجهة الإرهاب، الذى يتسبب كل يوم فى إيلام المجتمع، وتشكيل ذاكرة سلبية، وتخويف الناس، واستباحة الدماء. نحن بحاجة إلى استراتيجية ثقافية متكاملة لها عدد من المكونات التعليم، الثقافة، الإعلام، بدون ذلك، فسوف يتكرر المشهد الردىء الذى نتألم منه كل مرة.

 

سامح فوزي  كاتب وناشط مدني
التعليقات